[باب الوقف]
مقدمة
الوقف: مصدر وقَفَ الشيء، وحَبَسَه وسبله بمعنى واحد، وأوقفه لغة شاذة.
قال ابن فارس: الواو والقاف والفاء أصل يدل على مكث، ثم يقاس عليه.
قلتُ: ومن هذا الأصل المقيس يؤخذ الوقف، فإنه ماكث الأصل.
وتعريفه شرعًا: حبس مالكٍ مالَه المنتفَع به، مع بقاء عينه عن التصرفات برقبته، وتسبيل منفعته على شيء من أنول القُرب، ابتغاء وجه الله.
حكمه: الاستحباب، وقد ثبت بالسنة بأحاديث كثيرة:
منها حديث أبي هريرة أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "إذَا مَاتَ ابْن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاث: صدقة جارية ... " إلخ.
وأجمع الصدر الأول من الصحابة والتابعين، على جوازه ولزومه.
قال الترمذي: لا نعلم أحدًا من الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خالف في جواز وقف الأرضين.
قال جابر: لم يكن أحدٌ من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذا مقدرةٍ إلاَّ وقف.
وبهذا يُعلم إجماع القرن المفضل، فلا يُلتَفت إلى خلافٍ بعده، كما جاء عن شريح أنَّه أنكر الحبس. وقال أبو حنيفة: لا يلزم، وخالفه جميع أصحابه.