١ - الخشوع هو لب الصلاة وروحها، ويكون بالقلب والجوارح، والذي يرفع بصره إلى السماء، ويجيل نظره هاهنا، وهاهنا، لم يخشع قلبه ولا جوارحه؛ ذلك أنَّ القلب بفكره يتبع النظر، ولذا رأى سعيد بن المسيب رجلًا يعبث بلحيته وثيابه، فقال:"لو خشع قلب هذا، لخشعت جوارحه".
٢ - النَّهي الأكيد، والوعيد الشديد على من رفع بصره إلى السماء في الصلاة؛ فقد روى الإِمام أحمد (٢٠٩٩٧)، وأبو داود (٩٠٩)، والنسائي (١١٩٥)، من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه، انصرف عنه"
٣ - النبي -صلى الله عليه وسلم- توعد من رفع بصره إلى السماء في الصلاة، بخطف بصره، ومع ذلك يوجد كثير ممن يرفعون أبصارهم، ولم يُعرف أنَّ أحدًا رفع بصره إلى السماء، ثم خطفت، فلم يرجع إليه نظره، وأصبح لا يبصر.
والجواب: أنَّ تخلف الوعيد -كرمًا ولطفًا- لا يعني أنَّه لن يقع الأمر.
الأمر الثاني: أنه قد لا يخطف حسًّا, ولكنه خطف معنى، وهذا أعظم، فإنَّ الأول عقوبة في الدنيا، والثاني عقوبة في الدنيا والآخرة، فإنَّ الإنسان إذا كان لا يستفيد من نظره فيما يعود عليه بإصلاح أمره، فقد خطفت فائدة بصره، ولذا قال تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج]، وقال تعالى:{وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا}[الأعراف: ١٧٩].
٤ - هذا الوعيد يدل على تحريم رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
قال النووي: أجمع العلماء على تحريمه.
قلتُ: يريد إجماع جمهور العلماء؛ فإنَّ مذهب الإِمام أحمد أنَّ رفع البصر مكروه فقط، قال في "الإنصاف": وعليه الأصحاب.