والنكاية في العدو، وأقربها تناولاً للأرواح، خصَّها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالذكر لها، والتنبيه عليها.
١٢ - وقال محمَّد رشيد: إنَّ رمي العدو عن بُعد بما يقتله، أسلم من مصاولته على القُرب بسيف أو رمح، أو حربة، وإطلاق الرمي يشمل كل ما يرمى به العدو، من سهم، أو قذيفة منجنيق، أو طيارة، أو مدفع، أو غير ذلك، وإن لم يكن هذا معروفًا في عصره -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ اللفظ يشمله، والمراد منه يقتضيه، وما يدرينا لعلَّ الله أجرى الرمي على لسان رسوله مطلقًا ليدل على العموم؛ لأنَّه في كل عصر بحسب ما يرمى به فيه، ومن قواعد الأصول: أنَّ العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السبب.
فالواجب على المسلمين في هذا العصر بنص القرآن صنع المدافع بأنواعها والدبابات، والطيارات، والمناطيد، وإنشاء المراكب الحديثة بأنواعها، ومنها الغواصات، وتجب عليهم تعلم الفنون، والصناعات التي يتوقف عليها صنع هذه الأشياء، أو غيرها من قوى الحرب بدليل:"ما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب".
١٣ - ثم قال السيد رشيد رضا: نعلم أنَّ الإِسلام دين رحمة، قد منع من التعذيب بالنار، كما يفعل الظالمون، والجبارون من الملوك بأعدائهم، كأصحاب الأخدود.
ولكن من الجهل والغباوة أن نعدَّ حرب الأسلحة النارية للأعداء لنحاربهم بها من هذا القبيل بأن يقال: إنَّ ديننا دين رحمة بهم يأمرنا أن نتحمل قتالهم إيانا بهذه المدافع، وألا نقاتلهم بها رحمة بهم، أفلا يكون من العدل أن نعاملهم بمثل ما يقاتلوننا به، وهم ليسوا أهلاً للعدل في حال الحرب.