للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حد من حدود الله؟! " ثم قام خطيبًا في الناس؛ ليبين لهم خطورة مثل هذه الشفاعة، التي تعطل بها حدود الله، ولأنَّ الموضوع يهم الكثير منهم، فأخبرهم أنَّ سبب هلاك من قبلهم في دينهم، وفي دنياهم أنَّهم يقيمون الحدود على الضعفاء والفقراء، ويتركون الأقوياء والأغنياء، فتعم فيهم الفوضى، وينتشر الشر والفساد، فيحق عليه غضب الله، وعقابه.

ثم أقسم -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق- المصدوق لو وقع هذا الفعل من سيدة نساء العالمين: ابنته فاطمة، وقد أعاذها الله من ذلك- لنفَّذ فيها حكم الله تعالى.

٢ - تحريم الشفاعة في الحدود، والإنكار على الشافع، وذلك بعد أن تبلغ الحاكم.

قال ابن دقيق العيد: وفي الحديث دليل على امتناع الشفاعة في الحد بعد بلوغه السلطان، وفيه تعظيم أمر المحاباة للأشراف في حقوق الله تعالى.

قلتُ: في تقييد ذلك بـ"قبل بلوغها الحاكم" ليس مأخوذًا من هذا الحديث الذي معنا، وإنما من نصوص أخر، مثل ما أخرجه أصحاب السنن، وأحمد عن صفوان بن أمية؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لما أمر بقطع يد الذي سرق رداءه، فشفع فيه، فقال: "هلاَّ كان لك قبل أن تأتيني به؟ ".

وأما قبل بلوغ الحاكم، فهل يرفعه أو يتركه؟

الأولى أن ينظر في ذلك إلى ما يترتب على ذلك من المصالح أو المفاسد، فإن كان ليس من أهل الشر والأذى، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أقيلوا ذوي الهيئات زلاَّتهم".

فإن كان يترتَّب عليه شيء من المفاسد، فالأحسن عدم رفعه، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>