وهو قول عبد الله بن معمر، والزهري، وربيعة، وإسحاق ابن راهوية.
وذهب الإمامان: الشافعي، وأحمد، إلى-: أنَّ عقوبته كعقوبة الزاني؛ سواء كان فاعلاً، أو مفعولاً به.
وهذا قول عطاء، والحسن، وسعيد بن المسيب، والنَّخعي، وقتادة، والأوزاعي؛ لما روى البيهقي من حديث أبي موسى أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا أتى الرجل الرجل، فهما زانيان".
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى: أنَّ عقوبته دون عقوبة الزنا، وهي التعزير.
قال أصحاب القول الأول، وهم جمهور الأمة: إنَّه ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المعصية، وإنَّ الله تعالى جمع على أهلها من أنواع العقوبات ما لم ينكل به أمة سواهم؛ وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة.
وإنَّ الله تعالى جعل حد القاتل إلى خيرة الولي، بينما حتم قتل اللوطي حدًّا، وأجمع على ذلك الصحابة، ودلَّت عليه السنة الصحيحة الصريحة، التي عمل بها الصحابة، والخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم.
وإنما اختلف الصحابة في صفة قتله: فقال علي بن أبي طالب: أرى أن يحرق بالنار، وقال ابن عباس: يرمى من شاهق، ثم يتبع بالحجارة.
أما الذين ذهبوا إلى أنَّ عقوبة اللواط دون عقوبة الزنا، وإنما هو عقوبته التعزير -فيقولون: إنَّه معصية لم يقدر الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيها حدًّا مقدرًا، فكان فيه التعزير، ولأنَّه وطء في محل لا تشتهيه الطباع، والقواعد الشرعية أنَّ المعصية إذا كان الوازع منها طبيعيًّا، اكتفي بذلك الوازع عن الحد، أما إذا كان في الطباع ميل إليها جعل فيها الحد؛ لذا جعل الله الحد من الزنا، والسرقة، والسكر، دون أكل الميتة.
قُلتُ: وهذه تعللات لا تقوم بجانب النصوص، وإجماع الصحابة.