للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من علماء الحنابلة، وهو الراجح عند أئمة الدعوة -رحمهم الله- للأحاديث الواردة في ذلك منها: حديث عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إنَّ دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا: مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها"، وحديث عمرو بن حزم -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "وفي النفس مائة من الإبل"، وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بني مخاض، وعشرون بنات لبون".

وروى أبو داود بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّه قال: "في شبه العمد خمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون بنات لبون، وخمس وعشرون بنات مخاض"، وهذه الأحاديث تدل على أنَّ الأصل في الديات هو الإبل، ولأنَّه -صلى الله عليه وسلم- فرَّق بين دية العمد وشبهه، وبين دية الخطأ، فغلظ في الأول، وخفف في الثاني، ولا يتحقق التفريق المشار إليه في غير الإبل، ومن ذلك يتَّضح رجحان القول بأنَّ الأصل في الدية هو الإبل خاصة وما عداها قيم، ويؤيده أنَّ دية ما دون النفس من الأعضاء، والأسنان، والكسور، إنما وردت في الأحاديث مقدرة بالإبل، وبناءً على هذا القول المختار، وهو أنَّ الأصل في الدية الإبل، وعلى أنَّه يجوز تقويمها؛ لما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّه قام خطيبًا فقال: "إنَّ الإبل قد غلت، قال: فقوم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة".

وهذا يدل على أنَّ إيجاب عمر -رضي الله عنه- لِما سوى الإبل كان على سبيل التقويم؛ من أجل غلاء الإبل، ولو كانت الأنواع الأخرى أصولًا بنفسها، لم يكن إيجابها تقويمًا للإبل، ولا كان لغلاء الإبل أثر في ذلك، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>