أحدها: جواز قتل المسلم بالكافر، كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة، لعموم النصوص التي جاءت في القصاص، وتحقيق الأمن والاستقرار؛ فإن قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم؛ لأنَّ العداوة الدينية تحمله على القتل، خصوصًا عند الغضب، فكانت الحاجة داعية إلى الزجر، وكان فرض القصاص أبلغ في تحقيق الحياة الآمنة، كما قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] وقد أخذت محاكم مصر بهذا القول، فهي لا تفرق في العقوبة؛ لاختلاف الدين.
أما مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة-: فلا يرون قتل المسلم بالكافر مطلقًا؛ لأنَّ الكافر لا يكافيء المسلم، ولكن الكافر يقتل إذا قتله؛ لأنَّه قَتْلُ الأدنى بالأعلى، ويطبق هذا على الذميين.
الوجه الثاني: أنَّ المراد بالقتل لأجل التعزير، وليس القصاص، ولهذا جعل اختياره لنفسه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يَكِلْهُ إلى أولياء الدم.
الوجه الثالث: أن يكون القتل هنا قتل غيلة، وقتل الغيلة عند القائلين به لا يرون شروط القصاص من المكافأة وغيرها، والله أعلم.
قال في "الاختيارات": لا يقتل مسلم بذمي، إلاَّ أن يكون غيلة".
وقال في موضع آخر: "إنَّ العفو لا يصح في قتل الغيلة، لتعذر الاحتراز منه؛ كالقتل مكابرة".
وذكر ابن القيم أنَّ قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حدًّا، ولا يسقطه العفو، ولا تعتبر فيه المكافأة، وهو مذهب أهل المدينة، وأحد الوجهين في مذهب أحمد، واختيار الشيخ تقي الدين.
٣ - فيه تعظيم قتل المعاهد؛ فقد روى البخاري من حديث ابن عمر؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "مَن قتل معاهدًا، لم يُرَح رائحة الجنة".