٢ - قيدناه بنوم الليل؛ لقوله:"فإنَّه لا يدري أين باتت يده"، والبيتوتة: اسم لنوم الليل، وسيأتي مذهب الجمهور: أنَّها تغسل من عموم النوم، ليلاً أو نهارًا ..
٣ - النَّهي عن إدخالهما الإناء قبل غسلهما ثلاثًا، لكن لو غسل يدًا واحدة ولم يغسل الأُخْرى، فله إدخالها وحدها؛ فلكلِّ يد حكمها.
وذكر الإناء دليلٌ على أنَّ النَّهي مخصوص بالأداة، دون البِرَكِ والحياض.
٤ - أخذ أصحابنا من هذا الحديث أنَّ الماء المغموس فيه يد القائم من نوم الليل سلبت الطهورية منه، وأنَّه أصبح طاهرًا غير مطهِّر، ولكن هذا قول مرجوح، والصحيح: أنَّه باقٍ على طهوريته لما تقدَّم، من أنَّ الماء لا ينجس، إلاَّ إذا تغيَّرت صفة من صفاته بالنجاسة.
٥ - قال الخطابي: فيه أنَّ الأخذ بالاحتياط في باب العبادات أولى.
قال النووي: ما لم يخرج عن حدِّ الاحتياط، إلى حدِّ الوسوسة.
٦ - فيه استحباب الكناية عمَّا يستحيا منه، إذا حصل الإفهام بها.
٧ - يجب على السَّامع لِسُنَّةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يتلقَّاها بالقبول، وإذا لم يفهم المعنى، فَلْيَرُدَّ هذا إلى قصور في العقل البشري؛ وإِلَّا فأحكام الله تعالى مبنيَّةٌ على المصالح؛ والله تعالى يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)}، أمَّا الخواطر الرديئة، فليدفعها عن نفسه؛ فإنَّها من إلقاء الشيطان ووسوسته.
* خلاف العلماء:
ذهب الشافعي والجمهور: إلى أنَّ كلَّ نومٍ من ليلٍ أو نهار، يشرع بعده غسل اليدين؛ لعموم قوله:"من نومه"؛ فإنَّه مفرد مضاف، وهو يعم كل نوم، وأمَّا قوله:"أين باتت يده" فهو قيدٌ أغلبيٌّ، ومتى كان القيد أغلبيًّا، فهو عند الأصوليين لا مفهوم له؛ كما قال تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} فهنا قيدان: أحدهما: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}. فهذا قيد مقصود، ولذا جاء مفهومه، وهو قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ