فأما القول الثالث: فواجب، وإليه ذهب أبو حنيفة، والثوري، والحسن البصري، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها من أصحابه القاضي، والتميمي، وصاحب الشرح الكبير، وصاحب الفائق، وجزم بها في الوجيز، ورجحها الإمام ابن قدامة في المغني فقال:"وقول القاضي أقرب إلى الحق إن شاء الله تعالى، فإنَّ فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه دليل وجوبه كالرمي والحلاقة، ولا يلزم أن يكون ركنًا، وقول عائشة يعارضه قول غيرها".
وقال في الشرح الكبير حين ذكر رواية الوجوب:"وهو أولى؛ لأنَّ دليل من أوجبه دلَّ على مطلق الوجوب، لا على أنَّه لا يتم الحج إلاَّ به".
أما أدلة أنَّه سنة فغير ناهضة، فالآية نزلت لمَّا تحرَّج الصحابة من السعي لوجود صنمين، أحدهما على الصفا، والثاني على المروة في الجاهلية، وأدلة الوجوب قوية، لكنها لا توصله إلى الركنية.