للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أراد أن يفطر، يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] فنسختها"، فالنسخ ثابت في حق الصحيح المقيم.

أما الشيخ الهرم الذي يشق عليه الصيام، ومثله العجوز الكبيرة التي يشق عليها الصيام-: فلا يوجد نسخ في حقهما، وإنما لهما أن يفطرا، ولا قضاء عليهما، وإنما عليهما الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وهذا هو ما جاء مرويًّا عن ابن عباس بقوله: "رخِّص للشيخ الكبير أن يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، ولا قضاء عليه".

ويشهد لهذا التفصيل ما أخرجه الإمام أحمد (٢١١٠٧) وأبو داود (٥٠٧) وغيرهما عن معاذ بن جبل قال: "أثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخَّص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام".

والخلاصة: أنَّ الرخصة العامة بالإفطار والإطعام نسخت بالآية الثانية، أما الرخصة للشيخ الكبير والشيخة الكبيرة فلم تنسخ في حقهما، وبيَّنت السنة أنَّها مشروعة مستمرة إلى يوم القيامة.

ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة -اللذين يشق عليهما الصيام- المريضُ الميؤوس من برئه، ويشق عليه الصيام فله الفطر، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، وقدْر إطعام المسكين هو مد من البر "الحنطة"، ونصف صاع من غيره، والصاع النبوي أربعة أمداد، كل مد هو (٦٢٥) غرامًا، فالصاع النبوي (٣ كيلو غرامات) هذا في حق الكبيرين العاجزين العاقلين، أما الذي أصابه الخرف والتخليط، فلا صيام عليه ولا كفارة؛ لأنَّه ممن رفع عنهم القلم والتكليف.

* خلاف العلماء:

اختلف العلماء في الحامل والمرضع إذا خافتا على الجنين أو الطفل فقط، وأفطرتا، هل عليهما الكفارة؟ أو لا؟

ذهب الإمامان الشافعي وأحمد: إلى وجوب الكفارة؛ لما روي عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>