للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - أفضل الصدقة جهد المُقل، وذلك بأن يتصدق بالفاضل عن حاجته وحاجة عياله، ولو لم يكن صاحب مال وافر، وبهذا فإنَّ هذه الجملة لا تعارض الحديث الصحيح، الذي رواه البخاري (١٣٦١) ومسلم (١٠٣٤): "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" فلكل منهما محمل ومعنى، فلابد من تقييد جهد المقل بما زاد عن كفايته، وكفاية من يمونه.

٨ - أنَّ من لم يطلب العفاف والغنى لم يُوفَّق لذلك، بل يبقى قلبه متعلقًا فيما حرَّم الله تعالى من الشهوات، ويفتح له أبوابًا إلى المحرَّمات، وهذا هو مفهوم قوله: "ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله".

* فوائد:

الأولى: قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- حديث: "سبق الفقراء بخمسمائة عام" لا يدل على فضلهم على الأغنياء، بل بعض الأغنياء الذين يدخلون بعدهم يكونون أرفع درجة منهم.

وهذا له شواهد كثيرة من أنَّ الفضيلة الخاصة لا تدل على الفضيلة العامة.

الثانية: وفاء الدين مقدم على صدقة التطوع؛ لأنَّ وفاء الدين واجب، وحقوق العباد عظيمة؛ ولذا جاء في الحديث الصحيح: أن الشهادة في سبيل الله تكفر الذنوب إلاَّ الدَّين.

وقال شيخ الإسلام: ومثل الدَّين جميع حقوق العباد، ومظالمهم.

الثالثة: صدقة التطوع يجوز إعطاؤها الكافر، والغني، وبني هاشم، وغيرهم ممن مُنع الزكاة.

الرابعة: المنُّ بالصدقة كبيرة من كبائر الذنوب، ويبطلِ ثوابها، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤].

الخامسة: قال أبو قلابة: أي رجل أعظم أجرًا من رجل ينفق على عيال صغار،

<<  <  ج: ص:  >  >>