للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا، ومن أبلغها أنَّ الله جعل الصدقة على الفقراء إقراضًا له، فقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)} [الحديد: ١١].

٣ - صدقة التطوع لا تكون إلاَّ بما زاد عن حاجة الإنسان، وحاجة من يمونه ممن تجب عليه نفقته؛ فقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم (٩٩٦) قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يقوت" فإن تصدق بما ينقص مؤنتهم وحاجتهم أثم، لأنَّه عدل عما خوطب به، ووجب عليه إلى ما لم يخاطب به، فأضاع من تلزمه مؤنتهم.

٤ - أنَّ الصدقة الواقعة موقعها هي التي يؤديها صاحبها عن غنًى، وفي شيء زائد عن الضرورات، والحاجات الخاصة به، وبمن يمونه.

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩] والعفو هو ما فضل وزاد عن الحاجة.

٥ - فيه استحباب التعفف حتى مع الحاجة، فلا يسأل ولا يستشرف إلى ما في أيدي الناس، قال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: ٢٧٣] والتعفف معناه طلب العفة لنفسه عما في أيدي الناس، وكفّها عن سؤالهم.

٦ - يستحب إظهار الغنى، والصبر رضا بأمر الله تعالى، وقناعةً بما عنده، وإن قلَّ، فيعف عما في أيدي الناس.

كما أنَّ من كان غنيًّا، فسأل الناس، أو أظهر الفاقة؛ ليحتال على الإعطاء -فهذا قد غش وكذب، وأخَذَ حرامًا.

أما من استغنى وعفَّ عما في أيدي الناس، فإنَّ الله تعالى يغنيه بأن يسد حاجته وخلته، ويجعل في قلبه القناعة والغنى، فليس الغنى عن كثرة العرض، وإنما الغنى غنى النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>