وقال ابن عبد البر:"إنَّه أشبه بالمتواتر؛ لتلقي الناس له بالقبول".
قوله:"فرض رسول الله" معناه: أوجب وقدَّر، فهاذا فرضها في السُّنَّة مع فرضها في القرآن، وهذا تقدير أنصبتها.
٢ - في الحديثين وجوب الزكاة في سائمة بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم.
٣ - فيهما بيان فروض زكاة السائمة، وأنَّ الإبل ابتداءُ نصابها من خمس، وأما الغنم فابتداء نصابها من أربعين، وهذا -والله أعلم- راجع إلى العدل والمواساة في الزكاة؛ ذلك أنَّ الإبل لما كانت غالية، صار نصابها قليلاً، وأما الغنم فإنَّها رخيصة، فصار نصابها كثيرًا، وهذا فيه مراعاة حق الغني، وحق الفقير.
٤ - وفيهما أنَّه لابد في وجوب زكاة بهيمة الأنعام من السوم، وهو الرعي في المباح الحول أو أكثره، وأن تتخذ للدر والنسل، فإن لم ترع المباح، أو رعته ولكنها معدة للعمل، فلا زكاة فيها.
٥ - أنصبة الإبل والبقر والغنم مبينة في نص الحديثين، كما بيَّن ما فيها من وقص، وهو ما بين الفريضتين.
٦ - أول نصاب الإبل خمس، واستقرار النصاب فيها إذا زادت على عشرين ومائة، فحينئذ تكونا في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة.
٧ - أول نصاب الغنم أربعون، وقد أجمع العلماء على هذا، واستقرت فريضتها إذا زادت على ثلاثمائة؛ فحينئذ يكيون في كل مائة شاة شاة، وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم.
٨ - الأصل في زكاة البقر السنة والإجماع، وأما نصابها: فقال شيخ الإسلام: قد ثبت عن معاذ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى اليمن، أمره أن يأخذ صدقة البقر من ثلاثين تبيعًا، ومن أربعين مسنة.