أما الحديث رقم:(٣٨٤): فيدل على أن صلاة الجمعة لا تجب على المسافر، ولا تشرع في حقه؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يسافرون في الحج والجهاد، فلم يصلِّ أحد منهم الجمعة في السفر، مع اجتماع الخلق الكثير.
وإذا سمع المسافر النداء لصلاة الجمعة، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد: أنَّه إن كان يجب عليه إتمام الصلاة، ولا يصح منه القصر -وذلك حينما لا يرون سفره سفر قصر- فإنَّها تلزمه الجمعة بغيره وإلاَّ فإنَّها لا تلزمه لا بنفسه ولا بغيره.
قال في "الإقناع" وغيره: ولا جمعة بمنى وعرفة، نص عليه الإمام أحمد؛ لأنَّه لم ينقل فعلها فيهما.
هؤلاء الخمسة الذين لا تجب عليهم الجمعة، بعضهم سقطت عنه؛ لفقد شرط الوجوب، وهما المرأة والصبي، فإنَّها لا تجب على امرأة؛ لأنَّها ليست. من أهل الجُمَع والجماعات، وبعضهم سقطت عنه؛ لوجود المانع في وجوبها، وهم العبد المحبوس على عمل سيده، والمريض الذي يشق عليه الذهاب إليها، والمسافر الذي هو مظنة المشقة، إلاَّ أنَّهم جميعًا إذا صلوا الجمعة صحَّت منهم، وأجزأت عنهم، لأنَّ سقوطها تخفيفًا.
٢ - قال في "شرح المنتهى": وحرم سفر من تلزمه الجمعة في يومها بعد الزوال، حتى يصلي؛ لاستقرارها في ذمته بدخول وقتها، ويكره السفر قبل الزوال، ولا يحرم؛ لأنَّها لا تجب إلاَّ بالزوال وما قبله وقت رخصة، هذا إن لم يأت بالصلاة في طريقه، فإن أتى بها في طريقه، فلا يحرم بعد الزوال، ولا يكره قبله.
٣ - لا تجب الجمعة، إلاَّ على مستوطنين ببناء معتاد -ولو من قصب- لا يرحلون عنه شتاءً ولا صيفًا، فأما البادية أهل الظعن والحِل، الذين يسكنون