ما حفظ، ولكن البيهقي رجح رواية الإِمام البخاري وهي تسعة عشر يومًا.
٨ - أما الحديث رقم (٣٥٣): فيدل على أنَّ الإقامة في مكان -ولو بلغت عشرين يومًا- لا تمنع القصر، ولا رُخص السفر، ما دام أنَّه لم ينوِ الإقامة، وإنما ينوي العودة حين تنتهي مهمته.
٩ - القول الراجح أنَّ المسافر يقصر ويجمع ما دام أنه لم ينوِ الإقامة، ولو طالت مدته، ما دام لم ينو الإقامة، وقطع السفر. قال شيخ الإِسلام: للمسافر القصر والفطر، ما لم يُجمع على الإقامة والاستيطان، والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها, ليس هو أمرًا معلومًا لا بشرعٍ ولا عرفٍ.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: الإقامة العارضة للمسافر دون قصدِ مُكث بل أيام معيَّنة، وإنما الإقامة مرهونة بحاجته، ولا علم عنده متى تنقضي، فإذا انقضت سافر، ففي مثل هذا الحال يجوز له الترخص بقصر الصلاة، وغيرها من رخص السفر مدة إقامته، طالت، أو قصُرت.
١٠ - هذا القصر في حجة الوداع التي منها أيام مني، فقد كان يقصر الصلاة فيها، وقصر أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- وقَصَر بعدهم عثمان -رضي الله عنه- ست سنين من خلافته أو ثماني، ثم صار يتم الصلاة، فلامه الصحابة على الإتمام، ومخالفة النبي -صلى الله عليه وسلم- والشيخين بعده، وأشدُّهم لومًا ابنُ مسعود -رضي الله عنه- ولكنهم تابعوه وأتموا معه، وقال ابن مسعود:"إنَّ الخلاف شرٌّ"، فإتمام الصحابة -رضي الله عنهم- مع عثمان دليلٌ على أنَّ القصر غير واجب، ولو كان واجبًا ما أقروه، أما الأعذار التي قالها العلماء لإتمام عثمان فكثيرة، ولعلَّ من أوجهها -وليس بوجيه أيضًا-: أنَّ الحجَّ يجمع عددًا كبيرًا من المسلمين من أقصى البلاد، يجهلون أحكام الصلاة، فإذا صلوها مقصورة ظنوا أن هذه هي الصلاة، فخشيةً من هذا الفهم، الذي يترتب عليه خطأٌ كبيرٌ، أتمَّ، اجتهادًا منه رضي الله عنه.