للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد في الصحيح أنَّ أهل الصفة كانوا يحتطبون فيبيعون الحطب؛ ليطعموا به الفقراء، ومسافة الاحتطاب قد تزيد على الوارد في حديث أنس هذا.

والذي يمكن حمله على بداية القصر لا غاية أو نهاية السفر، وأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصف السفر وقدَّره بحدٍّ في موضعٍ آخر، وهو وجوب المحرم للمرأة، والذي يدل بمفهومه على أنَّ ما كان أقل منه فهو معتبر، فالسفر الذي تعلق بآراء متباينة لا تجتمع على ماهية معلوم، كما قيَّد العلماء كل رقبة في الكفارات بالمؤمنة، التي وردت في قتل الخطأ، فهذه مثلها، ومهما أمكن اتباع علمائنا وأئمتنا فهو العصمة، وإنَّ جمهورهم على هذا، وإنهم قد استفرغوا وُسعَهم في تحري رضا الله تعالى.

وإنه من الخطر أن نعوِّد الطلاب التجرؤ على مخالفة الأئمة، فإنه من جراء ذلك شردت جماعات بأسرها عن العبادة، لمَّا لم يُعَدّ لفقه الأئمة عندهم وزنٌ، والخير -والله- في أتباع أئمتنا، وهم بيَّنوا النصوص التي بنوا عليها هذه الأحكام، فليس اتباعهم في ذلك من اتباع الأحبار والرهبان في التحليل والتحريم، وللكن يجب أن نربي أبناءنا وإخواننا على استعظام مخالفة السلف فيما اتَّفقوا عليه، وتحري أصح الأمور، وأسعدها بالدليل فيما لو اختلفوا فيه؛ بحيث لا نخرج عن اتفاقهم ولا عن خلافهم، فإذا اخترنا لا نختار إلاَّ من فقههم الذي وضحت حجته ولاح دليله، وليس كل خلافٍ معتبرًا حتى لا يقال: إنَّ فلانًا وفلانًا يقولون بعدم التحديد، والأولى الرجوع إلى أقوال الأئمة الجامعة المبنية على الاحتياط فيها والسداد، والله تعالى أعلم وأحكم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>