للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه يتمها جمعة أيضاً؛ لأنه صلى ركعة من الجمعة في جماعه فيتم الجمعة كما لو صَلَّى ركعة منها، مأموماً، وكما لو أدرك الإمام في ركوع الركعة الأولى، واستخلفه الإمام في تلك الركعة يتمها جمعة، وإن لم يدرك مع الإمام ركعة.

وأصحهما: وهو المنصوص واختيار ابْنِ سُرَيْجٍ: أنه لا يتم الجمعة، لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة كاملة بخلاف المأموم فإنه إذا أدرك ركعة جعل تبعاً للإمام في إدراك الجمعة، والخليفة إمام لا يمكن جعله تبعاً للمأمومين، وبخلاف الصورة الأخرى؛ لأن هناك إدراك الإمام في وقت كانت جمعة القوم موقوفة على الإمام، وهاهنا أدركه في وقت لم تكن الجمعة موقوفة على الإمام الجواز أن يتموها فرادى، وكان ذلك الإدراك آكد وأقوى، وعلى هذا فهل يجوز ظهره؟ حكى الصيدلاني وغيره عن ابنِ سُرَيْجٍ أنه قال: يحتمل أن يكون في جواز ظهره قولان؛ لأن الجمعة لم تفت بعد وأدى الظهر مع إمكان الجمعة، وأنه كان بسبيل من أن لا يتقدم حتى يتقدم من أدرك الركعة الأولى، فتصح جمعته خلفه، وأيضاً ففي صحة الظهر بنية الجمعة إذا تعذرت اختلاف، ويحتمل أن يقال: يجوز ظهره قولاً واحداً، وهو معذور في التقدم عند إشارة الإمام، وهذا أظهر عند الأكثرين، فإن قلنا: لا يجوز ظهره فهل تنقلب صلاته نفلاً أو تبطل؟ فيه قولان: إن قلنا: تبطل فهذا مصير إلى منع استخلاف المسبوق، وهو القول الأول الذي نقلناه؛ لأن من تبطل صلاته يستحيل تقديره إماماً، وإذا جوزنا الاستخلاف والخليفة المسبوق يراعي نظم صلاة الإمام، فيجلس إذا صلى ركعة، ويتشهد، فإذا بلغ موضع السلام أشار إلى القوم، وقام إلى الركعة أخرى إن قلنا: هو مدرك للجمعة، وإلى ثَلاثٍ إن قلنا: إن صلاته ظهر، والقوم بالخيار، إن شاؤوا فارقوه وسلموا، وإن شاؤوا ثبتوا جالسين حتى يسلم بهم، ولو دخل مسبوق واقتدى به في الركعة الثَّانية التي استخلف فيها صحت له الجمعة، وإن لم تصح للخليفة حكى ذلك عن نَصِّ الشافعي -رضي الله عنه-؛ لأنه صلَّى ركعة خلف من يراعي نظم صلاة إمام الجمعة، بخلاف الخليفة لم يصل ركعة مع إمام الجمعة، ولا خلف من يراعي نظم صلاته، قال الأئمة: وهذا تفريع على أن الجمعة خلف من يصلي الظهر صحيحة، وتصح صلاة الدين أدركوا ركعة مع الإمام الأول بكل حال؛ لأنهم وإن انفردوا بالركعة الثانية كانوا مدركين للجمعة، فلا يضر اقتداؤهم فيها لمن يصلي الظهر، أو يتنفل.

وقوله في الكتاب: (سهواً أو عمداً) لفظ (العمد) معلم بالحاء، لما تقدم.

وقوله: (من كان قد اَقتدى به في هذا التقييد) إشارة إلى أنه لا يجوز أن يستخلف غير المقتدي.

وقوله: (صح استخلافه) يجوز أن يعلم بالألف؛ لما حكينا من إحدى الروايتين عن أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>