للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلُ فِي الصَّلاَةِ

قال الغزالي: وَالنَّظَرُ فِي أَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ: الأَوَّلُ، فِيمَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ كُلُّ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ لَيْسَ بِشَهِيدٍ، احْتَرَزْنَا بِالمَيِّتِ عَنْ عُضْوٍ آدمِيٍّ فَإنَّهُ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلاَّ إِذَا عُلِمَ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ فَيُصَلَّى عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ غائِباً، وُيغَسَّلُ العُضْوُ وَيُوَارَى بِخِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ.

قال الرافعي: حصر حجة الإسلام -رحمه الله- عليه بقية الكلام في صلاة الميت في أربعة أطراف للحاجة إلى النّظر فيمن يصلى عليه، ومن لا يصلى عليه، وفي أركان هذه الصَّلاة وشرائطها.

الأول: فيمن صلى عليه، ويعتبر فيه ثلاثة قيود. أن يكون ميتاً، مسلماً، غير شهيد. فأما قيد المسلم فيتعلق به مسألتان يشتمل الفصل على إحداهما، وهي ما إذا وجدنا بعض مسلم دون باقيه مثل إن أكله السبع، فلا يخلو إما أن يكون قد يعلم موت صاحبه أو لا يعلم، فإن لم يعلم فلا يصلى عليه، وإن علم. موته صلى عليه قل الموجود أم كثر، وبه قال أحمد خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: "لا يصلى عليه إلا أن يكون أكثر من النِّصف" ويروى عن مالك مثله.

لنا أن الصَّحابة -رضي الله عنهم- صَلُّوا عَلَى يَدِ عبد الرحمن بن عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ -رضي الله عنه- أْلْقَاهَا طَائِرٌ بِمَكَّةِ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ" (١).

وهذا في غير الشعر والظفر ونحوها، وفي هذه الأجزاء وجهان:

أقربهما: إلى إطلاق الأكثرين أنها كغيرهما، نعم قال في "العدة": إن لم يوجد إلاَّ شعرة واحدة فلا يصلى عليها. في ظاهر المذهب، إذ لا حرمة لها ومتى شرعت الصلاة، فلا بد من الغسل والمُوَارَاة بخرقة (٢).

وأما الدَّفن فلا يختص [بما إذا علم] (٣) بموت صاحب العضو، بل ما ينفصل من الحَيِّ من ظفر وشعر وغيرهما يستحب لهم دفنها، وكذلك يُوَارِى دم الفَصْد وَالحجَامَة


(١) أخرجه الزبير بن بكار في الأنساب، ورواه الشافعي بلاغاً، انظر خلاصة البدر (١/ ٢٧٩) والتلخيص (٢/ ١٤٤).
(٢) ومحله فيما إذا كان الموجود في العورة فإن كان في غيره لم يجب ستره على ما تقدم في أصل الكفن. واستدل للصلاة على العضو بأن الصحابة صلوا على يد عبد الرحمن بن عوف ألقاها طائر بمكة لما مات بوقعة الجمل فعرفوها بخاتمه. وقال في القوت عن قولهما الأقرب إلى كلام الأكثرين فيه نظر. فإن الجمهور عبروا بالعضو في إطلاقهم على الشعر وقول شرح المهذب غريب المذهب أنه لا يصلي.
(٣) سقط من ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>