يستخلف] (١) من اقتدى به قبل حدثه، أو يستخلف غيره، فإن استخلف غيره لم يصح، ولم يكن لذلك الغير أن يصلي الجمعة.
واحتجوا عليه بأنه لا يجوز ابتداء جمعة بعد انعقاد جمعة، ولو صَحَّ منه الجمعة لكان مبتدئاً بها بعد انعقاد جمعة الإمام، والقوم بخلاف المأموم يدخل في صلاة الجمعة فإنه تابع للقوم لا مبتدئ، ثم قال إمام الحرمين: في صِحَّة ظُهْرِه خلافٌ مَبْنِيٌّ على أن الظُّهْرَ هل تصح قبل فوات الجمعة أم لا؟ إن قلنا: لا تَصِح فهل تبقى نفلاً؟ فيه قولان: فإن لم تَصَحِّح صلاتَه، واقتدى به القوم بَطَلَتْ صلاتُهم، وإن صَحَّحْنَاهَا وكان ذلك في الرَّكعَة الأولى فلا جُمُعَةَ لهم، وفي صحة الظّهر خلاف مبني على أن الظهر هل تَصِح بنية الجمعة أم لا، وإن كان في الركعة الثانية، واقتدوا به كان هذا اقتداء طارئاً على الانفراد، وفيه الخلاف البخاري في سَائِرِ الصَّلوات؛ وفيه شيء آخر وهو الاقتداء في الجمعة بمن يصلي الظّهر، أو النافلة، وقد قدمنا الخلاف فيه، وإن استخلف من اقتدى به قبل الحدث، فينظر، إن لم يحضر الخطبة ففي جواز استخلافه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، كما لو استخلف بعد الخطبة من لم يحرضها ليصلي بهم لا يجوز.
وأصحهما: الجواز؟ لأنه بالاقتداء صار في حكم من سمع الخطبة، ألا ترى أنه لو لم بحدث الإمام صحت له الجمعة كالسامعين، والصَّيْدَلاَنِيُّ جعل هذا الخلاف قولين ونقل المنع عن البويطي والجواز عن أكثر الكتب، وإن كان قد حضر الخطبة أو لم يحضرها، وفرعنا على أنه يجوز استخلافه فينظر، إن استخلف من أدركه في الركعة الأولى جاز، ويتم لها الجمعة، سواء أحث الإمام في الأولى أو الثانية.
وعن صاحب "الإفصاح" وجه آخر: أنه يصلي الظهر والقوم يصلون الجمعة، وإن استخلف من أدركه في الرَّكعة الثانية، فقد قال إمام الحرمين: هذا يترتب على أنه هل يجوز استخلاف من لم يسمع الخطبة؟ إن قلنا: لا يجوز، فلا يجوز استخلاف المسبوق، وإن قلنا: يجوز ففيه قولان:
أحدهما: المنع؛ بناء على أنه غير مدرك للجمعة على ما سيأتي.
وأظهرهما -الذي ذكره الأكثرون-: الجواز، فإن الخليفة الذي كان مقتدياً بالإمام بمثابة الإمام، فعلى هذا القوم يصلّون الجمعة، وفي "الحلية" وجهان، رواهما صاحب "البيان".