للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: وسمع الخطبة وإن لم يسمعها، المراد منه الحضور، ونفس السماع ليس بشرط بلا خلاف، وصرح به الأئمة.

ثم في الفصل صور تتفرع على جواز الاستخلاف.

احداها: إذا استخلف الإمام فهل يشترط استئنافه نية القدوة؟ ذكر في "التهذيب" في اشتراطه وجهين في سائر الصلوات، ولا شك في طردهما في الجمعة.

أحدهما: نعم؛ لأنهم بعد خروج الإمام من الصَّلاَة قد انفردوا، ألا ترى أنهم يسجدون لسهوهم في تلك الحالة.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب أنه لا يشترط؛ لأن الغرض من الاستخلاف إدامة الجماعة التي كانت، وتنزيل الخليفة منزلة الأول، ولهذا يراعي نَظْم صلاته، ولو استمر الإمام الأول لم يحتج القوم إلى تجديد نية، فكذلك الآن.

الثانية: لو لم يستخلف الإمام قدم القوم بالإشارة واحداً، ولو تقدم واحد بنفسه جاز أيضاً، بل تقديم القوم أولى من استخلاف الإمام، لأنهم في الصَّلاة، والإمام قد خرج منها، ولهذا قال إمام الحرمين: لو قدم القوم واحداً والإمام آخر فأظهر الاحتمالين أن من قدمة القوم أولى، وحكى المسعودي وغيره من أصحابنا عن أبي حنيفة أنه يشترط أن يكون تقدم الخليفة بإذن الإمام، وأن القوم لا يستقلون بالتقديم، وفي "مختصر الكرخي" خلاف ذلك -والله أعلم-.

الثالثة: لو لم يستخلف الإمام ولا قدَّم القوم ولا تقدم أحد فالحكم على ما ذكرنا؛ تفريعاً على القديم.

قال الأئمة: ويجب على القوم تقديم واحد إن كان خروجه من الصَّلاة في الركعة الأولى، ولم يستخلف، وإن كان في الثانية لم يجب التقديم ولهم الانفراد بها كالمسبوق، وقد حكينا في الطريقين خلافاً تفريعاً على القديم، فيتجه عليه الخلاف في الوجوب وعدمه، هذا كله إذا أحدث في أثناء الصَّلاة، أما لو أحدث بين الخطبة والصلاة، وأراد أن يستخلف غيره ليصلي بالناس إن قلنا: يجوز الاستخلاف في الصَّلاة فيجوز ذلك، إلا فلا يجوز أن يخطب واحد ويؤم آخر؛ لأن الخطبتين في الجمعة بمثابة ركعتين من الصلاة، فعلى هذا إن وسع الوقت خطب بهم آخر، وصَلَّى، وإلا صلُّوا الظهر.

ورتب بعضهم الخلاف في هذه الصورة على الخلاف في الاستخلاف في الصَّلاة، ثم أختلفوا فمنهم من جعل هذه الصورة أولى بالجواز؛ لأن الخطبة منفصلة عن الصَّلاة والصلاة عبادة واحدة فيكون احتمال التعدد فيها أبعد، وعكس الشيخ أبو حامد فجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>