للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موضع قيامه، كما كان يفعله لو لم يخرج الإمام من الصلاة؛ لأنه بالاقتداء به التزم ترتيب صلاته حتى إنه لو لحق الإمام في الثانية من الصبح ثم أحدث الإمام فيها، واستخلفه قنت، وقعد فيها للتشهد، وإن كانت (١) أولاه، ثم يقنت في الثانية لنفسه، ولو كان الإمام قد سَهَا قبل اقتدائه أو بعده، سجد في آخر صلاة الإمام وأعاد في آخر صلاة نفسه على القول الأصح، وإذا تمت صَلاةُ الإمَام قام ليَتَدَارَكَ ما عليه، وَهُمْ بالخيار إن شاؤوا فارقوه وسلموا، وإن شاؤوا صبروا جَالسَين ليُسَلِّموا معه، هذا كله إذا عرف المسبوق نظم صلاة الإمام، فإن لم يعرف، فقد ذكروا فيه قولين (٢) عن حكاية صاحب "التلخيص" وعن الشيخ أبي محمد أنهما لابن سريج، لا للشافعي -رضي الله عنه-، فإن جَوَّزْنَا تراقب القوم إذا أتم الركعة أن هَمُّوا بالقيام قام، وإلا قعد، وَسَهْوُ الخَلِيفَةِ قبل حَدَثِ الإمام يحمله الإمام، وسهوه بعد حدثه يقتضي السُّجُود عليه وعلى القوم وسهو القَوْمِ قبل حدث الإمام وبعد الاستخلاف محمول، وبينهما غير محمول، بل يسجد السَّاهي عند سلام الخليفة.

القسم الثاني: أن يقع ذلك في صلاة الجمعة، ففي جواز الاستخلاف القولان إن لم تجز فينظر، إن أحدث في الركعة الأولى أتم القوم صلاتهم ظُهْراً، وإن أحدث في الثانية أتمها جمعة من أدرك معه ركعةً كالمسبوق، هذا هو المشهور، وعن الشيخ أبي محمد أنهم يتمونها جمعة، وإن كان الحدث في الركعة الأولى؛ تخريجاً من أحد الأقوال في مسألة الانفضاض، وهو أن جمعة الإمام تصح، وإن انفضوا في الركعة الأولى وبقي وحده، وذكر ابن الصباغ وغيره: أن المزني نقل هذا القول في "جامعه الكبير"، وعن صاحب "الإفصاح" أنهم وإن أدركوا ركعةً يتمونها ظُهْراً، لا جمعة، بخلاف المسبوق؛ لأن الجمعة قد كملت بغيره فجعل تابعاً لهم، وهذا الوجه قضية القياس عند إمام الحرمين، تخريجاً على أحد الأقوال في الانفضاض، وهو أن الإمام يتم الظهر وإن انفضوا في الثَّانية، وذلك لأن الإمام لأن ركن الجماعة في حَقِّ القوم، كما أنهم ركن الجماعة في حقه، فخروجه عن الصلاة في حقهم كانفضاضهم في حقه، وأما إذا جوزنا الاستخلاف فلا فرق فيه بين أن يسبقه الحدث، أو يحدث عمداً، أو يخرج من الصَّلاة بلا سبب، وكذلك في سائر الصلوات.

وقال أبو حنيفة: إنما يجوز له الاستخلاف إذا جاز له البناء على صلاته، كسبق الحدث؛ فإما إذا تعمد بطلت صلاةُ القومِ أيضاً، ثم إذا استخلف [فلا يخلو؛ إما أن


(١) في (ط): وإن كان.
(٢) قال النووي: أرجحهما دليلاً أنه لا يصح. وقال الشيخ أبو علي السنجي: أصحهما جوازه. ينظر الروضة (١/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>