للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصلة الخافضة، ويليه النصب، وربما يقال: إنَّه نصب بنزع الخافض، ويليه الرفع، وبحَسَب هذه المراتب، قد يرتب الخلافُ على الخلافِ، ولو قال: "بلّه" (١) فشدد اللام وحذف الألف بعدها، فهو غَيْرُ ذاكر لاسم الله تعالَى، ولا حالفِ، فإن البلَّةَ هي الرطوبةُ، ولكن إن نوى بما ذكره اليمينَ بالله تعالَى؛ فعن الشيخ أبي محمد: أنه يكونُ يمينًا ويحمل حذف الألف على اللَّحْنِ (٢)، وبهذا أخذ صاحبُ الكتابِ والإمامُ -رحمهما الله- وعضَّده بأن الكلمة تجري كذلك على أَلْسِنَةِ العوامِّ والخواصِّ، وقد يَستجير العرب حذف الألف في الوقْف؛ لأن الوقف يقتضي إسكانَ الهاء، وإذا اجتمع ساكنان في الوقْف، جاز أن يحذف أحدُهُما، وقوله في الكتاب "على قصد التلبيس وهي الرطوبة" هذا التفسير غيرُ محتاج إليه بل إذا لم يقصد اليمين، لا يكونُ ما أتى به يمينًا، وإن لم يقصد التلبيس، ولم يرد الرطوية.

الفصل الثاني: للأصحاب في ضبط ما يُحْلَفُ به طريقان:

أحدهما: وهي أقرب إلى سياق "المختصر": أن اليمين لا ينعقد إلا إذا حَلَف باللهِ أو باسْمٍ من أسمائه أو صفة من صفاته، وأرادوا بالقسم الأولِ أن يذكر ما يفهم منْه ذاتُ الله تعالى فلا يَحْتَمِلُ غيره منْ غيْرِ أن يأتي باسمٍ مفردٍ أو مضافٍ من أسمائه الحسنَى؛


(١) كلمة بِاللهِ، بحذف الألف التي بين اللام الثانية والهاء، لغة في لفظ الجلالة، كما حكاه البيضاوي، وأنشد على ذلك قول الشاعر:
أَلاَ لاَ بَارَكَ اللهُ فِي سُهَيْلٍ
وانظره في:
تنبيه الغافلين للعلامة الصفاقسي:
إذا ما الله بارك في الرجال
الخصائص لابن جِنِّيْ.
(٢) قال التووي: ينبغي أن لا يكون يميناً؛ لأن اليمين لا يكون إلا باسم الله تعالى أو صفته، ولا يسلم أن هذا لحن؛ لأن اللحن مخالفة صواب الأعراب، بل هذه كلمة أخرى. والله أعلم.
قال ابن الصلاح: ليس هو لحنًا بل لغة حكاها الزجاجي وغيره، وهي شائعة فينبغي أن تكون يميناً عند الإِطلاق.
قال الأذرعي: ولو استحضر النووي ما قاله ابن الصلاح ما قال ما قال وجزم في الأنوار بما نقله الرافعي عن الجويني والإمام والغزالي من أنها يمين إن نواها ويحمل حذف الألف على اللحن لأن الكلمة تجري كذلك على ألسنة العوام والخواص.
وهذا أوجه من كلام ابن الصلاح خلافاً لبعض المتأخرين لأن البلة تكون بمعنى الرطوبة فلا يكون يميناً إلا بنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>