للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا في الأرنب: ما رُوِيَ عن أنس -رضي الله عنه- قال: أَنْفَجْنَا أَرْنَباً، أي: أَثَرْنَاهَا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَأَدْرَكْتُهَا، فَأَخَذْتُهَا، فَأتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِفَخِذِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَبِلَهُ، ويُرْوى: "فأَكَلَ مِنْهُ" وعن بعض الصحابة -رضي الله عنه- قال: اصْطَدتُّ أرْنَبَيْنِ، فَذَبَحْتُهُمَا بِمرْوَةَ، وَسَأَلْت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَمَرَنِي بِأكْلِهِمَا، وأما اليَرْبُوعُ (١)، فَإِنَّ العَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ، ونابهُ ضعيفٌ، والوجهان يجريان في ابن مُقْرِضٍ (٢)، وهو الدَّلَقُ (٣)، وفي ابْنِ آوَى أيضاً ثم، في تعليق الشيخ أبي حامد:


= واستدل المانعون بحديث خزيمة بن جزء قال: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَقُولُ في الأرْنَبِ قَالَ: لاَ آكلُهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ. قُلْتُ وَلمَ يَا رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمي".
قال الحفاظ: سنده ضعيف فلا يعارض ما ثبت في الصحيح. على أنه لا دلالة فيه على التحريم بعد قوله عليه الصلاة والسلام "وَلاَ أُحَرِّمُهُ".
وإن صح نحو هذا الحديث كان صالحاً للاحتجاج به على كراهة التنزيه، والمحكى عن عبد الله ابن عمرو: التحريم.
(١) بفتح الياء المثناة تحت ويسمى الدرص بفتح الدال وكسرها وإسكان الراء المهملتين وبالصاد المهملة حيوان طويل الرجلين قصير اليدين جدّاً وله ذنب كذنب الجرذ يرفعه صعداً في طرفه شبه النوّارة لونه كلون الغزال قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان أن كل دابة حشاها اله خبثاً فهي قصيرة اليدين لأنها إذا خافت شيئاً لاذت بالصعود فلا يلحقها شيء وهذا الحيوان يسكن بطن الأرض لتقوم رطوبتها له مقام الماء وهو يؤثر النسيم ويكره البحار أبداً يتخذ حجره في نشز الأرض ثم يحفر بيته في مهبّ الرياح الأربع ويتخذ فيه كوى وتسمى النافقاء والقاصعاء والراهطاء فإذا طلب من إحدى هذه الكوى نافق أي خرج من النافقاء وإن طلب من النافقاء خرج من القاصعاء وظاهر بيته تراب وباطنه حفر وكذلك المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر قال الجاحظ وغيره واسم المنافق لم يكن في الجاهلية لمن أسرّ الكفر وأظهر الإِيمان ولكن الباري جلّ وعلا اشتق له هذا الاسم من هذا الأصل من نافقاء اليربوع لانه لما أبطن الكفر وأظهر الإِيمان وورّى بشيء عن شيء ودخل في باب الخديعة وأوهم الغير خلاف ما هو عليه أشبه في ذلك فعل اليربوع.
ذهب إلى القول بحل أكل اليربوع عروة، وعطاء، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وابن المنذر. وذهب أبو حنيفة إلى القول بتحريمه.
ولم يرد فيه تحريم بخصوصه، وفيه ما يدل على إباحته؛ لأن نابه ضعيف، والعرب تستطيبه، وأوجب فيه عمر على المحرم جفرة، فدل هذا على حل أكله.
(٢) بضمّ الميم وكسر الراء وبالضاد المعجمة دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر تقتل الحمام وتقرض الثياب ولذلك قالوا ابن مقرض قال في المهمات الصحيح على ما يقتضيه كلام الرافعيّ الحلّ وقد وقعت المسئلة في الحاوي الصغير على الصواب فأباح ابن مقرض وحرّم ابن عرس: ينظر: حياة الحيوان ٢/ ٣٨٥.
(٣) الدَّلَق: دويبة نحو الهرة طويلة الظهر يعمل منها الفَرْو.
فارسي معرب وهو دويبة تقرب من السمور قال عبد اللطيف البغدادي أنه يفترس في بعض الأحايين ويكرع الدم وذكر ابن فارس في المجمل أنه النمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>