واستدل الجمهور بما روى ابن عباس قال: "دخلت أنا وخالد ابن الوليد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، فقال لبعض النسوة: أخبروا رسول الله بما يريد أن يأكل، فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده فقلت: حرام هو يا رسول الله؟ قال: لا. ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فَأَكَلْتُهُ وَرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ". ووجه الدلالة: أن خالد بن الوليد أكله بحضرة النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وسكت عنه، ولم ينكر عليه ذلك، فكان دليلاً لإِباحته. أما تركَ الرسول أكله، فقال ابن عباس: إنه تركه تقذراً وكل على مائدته. وحديث النهي عن أكله لم يثبت عن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-. ويجاب عن حديث عائشة: باحتمال أن يكون منع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة من التصدق بالضب، على حد قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. فلهذا المعنى كره لعائشة التصدق به لا لكونه: حراماً. والله أعلم. (١) متفق عليه البخاري [٥٥٣٦، مسلم ١٩٤٣ - ١٩٤٤] من حديثه. (٢) متفق عليه البخاري [٥٣٩١ - ٥٤٠٠ - ٥٥٣٧، مسلم ١٩٤٥ - ١٩٤٦ - ١٩٤٨]. (٣) رواه الشافعي والترمذي [١٧٩٢] والنسائي [٧/ ٢٠٠] وابن ماجه [٣٢٣٦] والبيهقي، وصححه البخاري والترمذي وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي، وأعله ابن عبد البرّ بعبد الرحمن بن أبي عمار فوهم، لأنه وثقه أبو زرعة والنسائي، ولم يتكلم فيه أحد، ثم إنه لم ينفرد به، وقال البيهقي: قال الشَّافعي: وما يباع لحم الضباع إلا بين الصفا والمروة، ورواه أبو داود [٣٨٠١] بلفظ: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الضبع، فقال: صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم، وأما ما رواه الترمذي من حديث خزيمة بن جزء قال: أيأكل الضبع أحد، فضعيف، لاتفاقهم على ضعف عبد الكريم أبي أمية، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم. (٤) الضبع معروفة ولا تقل ضبعة لأن الذكر ضبعان والجمع ضباعين مثل سرحان وسراحين والأنثى ضبعانة والجمع ضبعانات وضباع ينظر حياة الحيوان ٢/ ٩٧. =