للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الحكم بالبطلان في هذه الصورة قد نقل عن الشافعي -رضي الله عنه-، وذكر الشيخ أبو محمد وغيره أن الأصحاب اختلفوا في معناه، منهم من قال: إنما بطلت الصَّلاَة لتطويل الركن القصير، فلم يحكم بالبطلان إذا قرأ الفاتحة في القيام، أو الركوع، ومنهم من قال: إنما بطلت لنقل الركن، فحكم بالبطلان [حيث وجد النقل].

وقوله: "ولو وجد أحد المعنيين دون الثاني" [إن وجد التطويل] (١) وحده، فهو صورة المسألة الأولى، والأظهر فيها البطلان، وإن وجد النقل وحده فهو صورة المسألة الثانية، والأظهر فيها عدم البطلان، ويجوز أن يعلم قوله: (وجهان) بالواو إشارة إلى طريقة القاطعين بعدم البطلان في الصورة الثانية وقوله: (فإن قلنا: لا تبطل) هو المسألة الأخيرة.

وقوله: (والأظهر ...) إلى آخره هو المسألة الرابعة، لكن الحكم بأنها قصيرة أظهر على ما سبق، ولا يتضح فرق بين الاعتدال والجلسة.

قال الغزالي: (الثَّانِي) مَنْ تَرَكَ أرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ سَهْوًا لَمْ يَكْفِهِ أَنْ يَقْضِيهَا فِي آخِرِ صَلاَتهِ بَلْ لاَ يُحْتَسَبُ لَهُ مِنَ الأَرْبَعِ إِلاَّ رَكْعَتَانِ، وَلَوْ تَرَكَ مِنَ الأُولَى وَاحِدَةً وَمِنَ الثَّانِيَةِ ثِنْتَيْنِ وَمِنَ الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً فَلْيَسْجُدْ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ لْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْنَ تَرَكَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَرَكْعَتَانِ أَخذاً بِأَشَقِّ التَّقْدِيرَيْنِ المَذْكُورَيْنِ، فَرْعٌ: لَوْ تَذَكَّرَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَكُنْ قد جَلَسَ بَعْدَ السَّجْدَةِ الأُولَى فَلْيَجْلِس ثُمَّ لْيَسْجُدْ، والقِيَامُ لاَ يَقُومُ مَقَامَ الجَلْسَةِ، وَإِنْ كَانَ قَد جَلَسَ بَعْدَ السَّجْدَةِ الأُولَى فَيَكْفِيهِ أَنْ يَسْجُدَ عَنْ قِيَامِهِ، فَإنْ كَانَ قَصَدَ بِتِلْكَ الجَلْسَةِ الاسْتِرَاحَةَ، فَفِي تأدِّي الفَرْضِ بِنيَّةِ النَّفْلِ وَجْهَانِ، ثُمَّ لاَ يَخْفِى أنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْو فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

قال الرافعي: قاعدة الفصل أن الترتيب في أركان الصلاة واجب الرعاية، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرتب، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (٢) فلو ترك الترتيب عمداً بطلت صلاته، ولو تركه سهواً لم يعتد بما فعله بعد الركن المتروك حتى يأتي بما تركه، فإن تذكر الحال قبل فعل مثله في ركعة بعدها فكما تذكر يشتغل به، وإن تذكر بعد فعل مثله في ركعة أخرى تمت الركعة الأولى به، ولغى ما بينهما، هذا إذا عرف عين المتروك وموضعه إن لم يعرف أخذ بأدنى الممكن، وأتى بالباقي وفي الأحوال كلها


(١) ما بين المعكوفتين سقط من أ.
(٢) تقدم أخرجه البخاري من حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>