للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسجد للسهو إلا إذا وجب الاستئناف بأن ترك ركنًا، وأشكل عينه عليه، وجوز أن يكون ذلك الركن هو النية، أو التكبير، وإلا إذا كان المتروك هو السلام فإنه إذا تذكر ولم يطل الفصل يسلم، ولا حاجة إلى سجود السهو، وقد ذكر في الكتاب مسألتين مما يترتب على هذه القاعدة.

إحداهما: لو تذكر في الركعة الثانية أنه ترك سجدة من الأولى، فلا يخلو: إما أن يتذكر قبل أن يسجد في الثانية، أو بعد أن يسجد فيها، فأما الحالة الأولى فيشتمل عليها الفرع المرسوم في الكتاب آخرًا ولا بأس أن تقدمه، فنقول: إذا تذكر في قيام الثانية أنه ترك سجدة من الأولى، فلا بد من الإتيان بها كما تذكر، ثم ننظر إن لم يجلس عقيب السجدة المفعولة، فهل يكفيه أن يسجد عن قيام أم يجلس مطمئناً ثم يسجد؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه يخر ساجداً، والقيام يقوم مقام الجلسة بين السجدتين؛ لأن الغرض منها الفصل بينهما، وقد حصل ذلك بالقيام.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب أنه يجب أن يجلس مطمئناً، ثم يسجد؛ لأنه وإن كان المقصود الفصل، فالفصل واجب بهيئة الجلوس، فلا يقوم القيام مقامها كما لا يقوم مقام الجلوس للتشهد، وإن جلس عقيب السجدة المفعولة نظر إن قصد به الجلسة بين السجدتين ثم غفل ولم يسجد الثانية فمن قال، في الصورة الأولى: يكفيه أن يسجد عن قيامه فهاهنا أولى، ومن قال: ثم يجلس ثم يسجد اختلفوا هاهنا فقال أبو إسحاق وغيره: يجب أن يجلس هاهنا أيضاً لينتقل منه إلى السجود؛ كما لو قدر المريض على القيام بعد القراءة يجب عليه أن يقوم ليركع عن قيام، وظاهر المذهب وهو المذكور في الكتاب أنه يكفيه أن يسجد عن القيام، كما لو ترك أربع سجدات من أربع ركعات ثم تذكر تحتسب له ركعتان، كما سيأتي، وإن كانت السجدة التي في الثانية والتي في الرابعة واقعتين عن قيام، وإن قصد بتلك الجلسة الاستراحة لظنه أنه أتى بالسجدتين جميعاً فوجهان مذكوران في الكتاب.

أحدهما: لا يحسب ذلك الجلوس، ويجب أن يجلس ثم يسجد؛ لأنه قصد بتلك الجلسة السُّنة، فلا تنوب عن الفرض كما في سجدة التلاوة لا تقوم مقام سجود. الفرض، وبهذا قال ابْن سُرَيْجٍ وبه يقول أبو إِسْحَاقَ أيضاً لينتقل من الجلوس إلى السجود.

والثاني: أنه يكفيه أن يسجد عن قيام، ولا يضر اعتقاده أنه يجلس للاستراحة كما لو جلس في التشهد الأخير وهو يظن أنه الأول ثم تذكر يجزئه ذلك، وما الأظهر من هذين الوجهين؟ قال في "التهذيب": المذهب هو الأول؛ لكن الأكثرين منهم العراقيون والقاضي الروياني رجحوا الوجه الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>