للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلاَّ عَمْرَةَ ولا امرأة له سواها، لم تُطلَّق؛ لأنَّه لم يضفهن إلى نفسْه، بخلاف قوله: كلُّ امرأة لي، ولو كانت امرأته في نسْوة فقال: طلقْتُ هؤلاء إلاَّ هذه فيشير إلى زوجته، لم تُطلَّق؛ لأنه عينهن واستثناها وأنَّه لو قال لامرأته، يا بنتي، وقعَتِ الفرقة بينهما؛ لاحتمال السن، كما لو قاله لعبْده (١) أو أمته وأن زوجته لو كانت تُنْسَب إلى زوج أمها، فقال: بِنْتُ فلان طالقٌ لا يقع الطَّلاق عليها؛ لأنها ليست بنْتاً له حقيقةً، ولغَيْره فيه احتمال (٢) للعُرْف، وأنَّه لو قال: نساءُ المُسْلِمِينَ طوالِقُ، لم تطلَّق امرأته، وعن غيره أنَّها تطلَّق، وبني الخلاف على أن المخاطَبَ هل يدخل تحْت الخطاب (٣)، وأنَّه لو قال: (من تومرارم) (٤) وأراد به الطَّلاَق، وقع بخلاف، ما إذا قَال (مراز طلاق توبيرارم) (٥) وأنَّه لو قَال (بخداى اسمان وزمين وسه طلاق تودركردن من كه كردرخانه بشوم) (٦) ودخلها تلزمه الكفارة ولا يقع الطلاق؛ لأن الطَّلاق ليْس محلوفاً به وإنَّما الحَلفَاء بالله تعالى وبصفاته، وأنَّه لو قال: بانت مني امرأتي، أو حَرُمَتْ عليَّ لا يكون إقْراراً بالطَّلاق؛ لأنها من الكنايات، وأنه لو قال لها: أنْتِ بائنٌ، ثم قال بَعْد مدة أنت طالقٌ ثلاثاً وقال: أردتُّ بالبائن الطلاقَ، والثلاث غير واقعة؛ لمصادفتها حال البينونة، لم يُقْبَل؛ لأنه متَّهَم في هذا التفسير بعْد ما خاطَبَها بالثَّلاث، وأنه لو قال


(١) قال النووي: المختار في هذا أنه لا يقع به فرق إذا لم يكن له نية؛ لأنه إنما يستعمل في العادة للملاطفة وحسن المعاشرة.
(٢) قال النووي: ينبغي أن يقال: إن نواها طلقت، ولا يضر الغلط في نسبها، كنظيره في النكاح وإلا فلا، ومراد القفال بقوله: لم تطلق، أي: في الظاهر، وأما الباطن، فيتعين أن يكون كما ذكرته.
(٣) قال النووي: الأصح عند أصحابنا في الأصول: أنه لا يدخل، وكذا هنا: الأصح أنها لا تطلق. والله أعلم.
قال في المهمات: يرد عليه أن المعروف في كتب الأصول الدخول.
قال الإِمام في البرهان: إنه الرأي الحق عندي. وحكاه عن الأكثرين الإِمام فخر الدين والآمدي وابن الحاجب وصاحب الحاصل والتحصيل وغيرهم، وفي المستصفى للغزالي أن القول بعدم الدخول فاسد، ومقتضاه أن الأصح هنا الوقوع، ويؤيده ما تقدم في الوقف أنه لو وقف كتاباً على المسلمين أو مرجَلاً أو بئراً كان له أن ينتفع به، وكذا صححوه فيما لو وقف على الفقراء فافتقر مع أن الدخول هنا أولى، فإن الوقف على النفس باطل في الجملة وإن كان إدخال نفسه في العموم جائز فيما أصله الإِباحة كماء البئر ومنافع المساجد دون نمار النخلة ونحوها كما قاله الماوردي هناك.
(٤) جملة فارسية بمعنى: لقد سئمتك، (لا أرغب في العيش معك).
(٥) جملة فارسية بمعنى: أنا من طلاقك متألم.
(٦) جملة فارسية بمعنى: بإله السموات والأرض، وثلاث طلقات لك في رقبتي، حيث إني خارج من البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>