للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلاَق لا يقع؛ لأنَّه كاذبٌ، وهذا الوجه للأصحاب ذكروه فيما إذا قال: لست بزوجةٍ لي، فرُبَّما علَّل ذلك بأنَّه صريحٌ في الإِقرار، فلا يصير إنشاءً بالنية، والأظهر أنَّهما كنايتان في إنْشَاء الطلاق، وكذا لو قال (توازان من هيج مني) (١)، وذكر القفَّال أنَّه لو قال (يك طلاق ودو طلاق وسه طلاق) (٢) (دوّميني معنى) (٣) وطلقت فلاناً، ولو قال: (يك ورود بينه معنى آن) (٤) نوى الطلاق، وقَع الثلاثُ، إن لم ينْوِ، لم يقَع شيْء، وفي "فتاويه" أنَّه لو قال: اذْهَبِي إلى بَيْت أبَوَيَّ ونوى الطلاق، إن نواه بقوله: اذْهَبِي، وَقَع، وإن نواه بمجموع اللفظين، لم يَقَع لأن قوله "إلى بيت أبَوَيَّ" لا يحتمل الفراق، بل هو لاستدراك مقتضى قَوْلِه: "اذْهَبِي"، وأنه لو قال لامرأته: أنْت طالقان أو طوالق، لم يقع عليها إلاَّ طلقةٌ واحدةٌ وإن قوله: (يومك طالق أزمن جداى) (٥) صريحٌ وأنَّه لو قال: كل امرأة لِي طالقٌ إلاَّ عمرة ولا امرأة له سواها، يقع طلاقها، والاستثناء باطلٌ (٦) لاستغراقه.


(١) جملة فارسية بمعنى: أنتِ لست مني إطلاقاً.
(٢) جملة فارسية بمعنى: طلقة واحدة واثنين وثلاثاً.
(٣) جملة فارسية بمعنى: المعنى الثاني.
(٤) جملة فارسية بمعنى: طلقة ثم وصل إلى الثلاث طلقات، فإن المعنى الثاني لذلك هو وقوع الثلاث.
(٥) جملة فارسية بمعنى: بالله أنتِ مني طالق اليوم.
(٦) قال في المهمات: شرطه أن يكون الإِخراج بإلا كما صوره، فلو عبر بسوى أو نحوها كغير لم تطلق كما صرح به الخوارزمي في الكافي في الأيمان ومثل بسوى ومن متجه، فإن أصل الاستثناء وأصل سوى وغير ونحوهما الصفة فيحمل كل لفظ على أصله فيلزم الاستغراق في إلا للإِخراج بعد الإدخال دون سوى ونحوها، فإن مدلولها يطابق المغايرة المذكورة ويوفقه ما سيأتي قريباً أنه لو قال امرأتي التي في هذه الدار طالق ولم تكن فيهلالم يقع الطلاق، وهذا الذي قاله محرر في غاية الحسن.
وقال الشيخ البلقيني: ما قاله مخالف لما نص عليه الشَّافعي وأصحابه في عتاب الزوجة بجديدة، وصرح في المطلب بأنه لا فرق بين أن يستثنيها لفظاً أو نية، وقد صرح الخوارزمي في الكافي أنه لو وضع زوجته في المقابر وقال: كل زوجة لي سوى التي في المقابر طالق ثلاثاً أنها تطلق، وهذا هو الأظهر، وعليه عرف إيمان الناس. وفي ذلك كلام آخر، والله أعلم.
قال الشيخ ولي الدين: الفرق بين إلا وسوى واضح ولم يتوارد كلام القفال والخوارزمي على تصوير واحد كما عرفت. انتهى. وأشار إلى ما ذكره الشيخ في المهمات وترك الجواب عن عتاب الزوجة الجديدة. وجوابه أنه لم يردها فلم تدخل في اللفظ فيصير في باب العام الذي أريد به الخصوص، وبهذا تفترق المسألتان، فإن مسألة القفال من باب العام المخصوص بدليل الإِخراج بإلا، ومسألة عتاب الزوجة لم يدخلها وهذا ظاهر جلي وقد ذكر في الخادم كلام شيخه البلقيني وأطال فيه وأشار إلى الجواب الذي ذكرته، بل صرح به ولم يعول عليه ولم يحسن فيما يفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>