للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "الزيادات" للشيخ أبي عاصم العبادي أنَّه إذا قال: بعْتُ منك طلاقَكِ، فقالت: اشتريْتُ، ولم يذكرُ عوضاً لا تحصُلِ الفرقة، إذا لم يكُن نيَّة، وقيل: تقع طلقةً بمهر المثل، وأَنَّه إذا قال: هذا بطلاق (برامنت دركردم) (١) فهو كناية.

وقال إسماعيل اليوشنجي: لا يَقَع؛ لأنَّه لم يقصد الطَّلاقُ إليها، ولا إلى جزء من أجزائها، ولو قال: هذا بطَلاق هو (بلى كردم) (٢) ونوى الطلاق طُلِّقَتْ [ثلاث]، طلاقاً والمعنى: طلقت - طلقتك، ألفاً بمرة، وأنَّه إذا قال: لم يبق بيني وبينك شيء، ونوى الطلاق، لم تُطَلَّقْ، وفي هذا توقّف (٣)، وأنَّه إذا قال: برئت من نكاحِكِ، ونَوَى، طُلِّقَتْ، ولو قال: برِئْتُ من طلاقك. لم تطلَّق، نوى أو لم ينوِ، ولو قال: بَرْئِتُ إليْك من طلاقك، قال إسماعيل، البوشنجي، يكون كناية، على تقدير تبرَّأْتُ منْك بواسطة إيقاع الطلاق علَيْك، ولو قال: أبرأتك أو عفوت عَنْك، فهو كناية؛ لأن اللَّفْظين يُشْعِرَان بالإِسقاط، وللزَّوْج حقُوقُ النِّكَاح، وتسقط عنها بالطلاق، وأنَّه لو قال طلقك الله، أو قَالَ لأمته: أعتقك اللهُ طُلِّقَتْ وَعَتَقَتْ، وهذا يُشْعر بأنهما صريحان ورأى البوشنجي إلْحاقهما بالكنايات، لأنَّهما يحتملانِ الدُّعاء والإِنشاء؛ وبتقدير العمل على الإِنشاء، فهو ليس بصريح في إيقاع الطلاق، بل المعنى: طلقتك بحكم الله تعالى، بوقوع طلاقك، وقَوْل مستحق الدَّيْن لمن عليْه الدين أبرأك الله كقوله لزوجته: طلَّقَكِ الله، وأنَّه لو قال: أنْتِ طال، وترك القاف، طلِّقَتْ حمْلاً على الترخيم، قال البوشنجي؛ لا ينبغي أن يقع الطَّلاق، وإن نوى.

نعم، إذا قال يا طال، ونوى، يَقَع؛ لأن الترخيم في العربية إنَّما بعهد في النداء، فأما في غَيْر النداء فلا يُعْهَد إلا نادراً في الشِّعْر، وأنَّه إذا قال: الطلاق لازمٌ لِي أو واجبٌ عليَّ، تطلَّق للعُرْف، ولو قال: فرضٌ عليَّ، لمْ تطلَّق؛ لأنه لم يجر (٤) العُرْف فيه ورأى البوشنجي أن جميع هذه الألفاظ كنايةٌ؛ لأنَّه لو قال: طلاقُكِ عليَّ، واقتصر عليه، ونوى الوقوع، وقع، فوصفه بقوله "واجب" أو "فرض" يزيده تأكيداً وأيضاً فقد يَعْنِي بالوجوب السقوطَ وكأنه قال طلاقُكِ عليّ ساقط، وواقع، وهو معروف في الكنايات، وحكى صاحبُ "العُدَّة" الخُلاَف، فقال: لو قال: طلاقُك لازمٌ [لي] (٥)، فوجهان، قال أكثر الأصحاب: هو صريحٌ، وأنه لو قال (توم أخبرى باشى) (٦)، ونوى


(١) جملة فارسية بمعنى: وقعت في عرضك.
(٢) جملة فارسي بمعنى: نعم فعلت (قلت).
(٣) قال النووي: الصواب الجزم بالطلاق؛ لأنه لفظ صالح ومعه نية.
(٤) في ب: يجز.
(٥) سقط في ز.
(٦) جملة فارسية بمعني: أعلني.

<<  <  ج: ص:  >  >>