للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا في النكاح الصحيح، أما إذا زوَّجها تزويجاً فاسداً، ثم بَاَعَها، ووطِئَها الزوج بعد البَيْع فمهر المثْلِ للمشتَرِي؛ لأنه وجب بالوطءْ الواقع في ملكه، وإن وطئ قبْلَ البيع، فهو للبائع.

المسألة الثالثة: ذكَرْنا من قبل أنه يجُوز أن يزوّج أمته من عبده، وأنه لا مَهْر؛ لأن السيد لا يَثْبُت له دَيْنٌ علَى عبده؛ ألا تَرَى أن جنايته عليه لا تثبت له أرشاً، وإتلافه ماله لا يقتضي ضماناً لا في الحال، ولا بعْد العتق، وحكى الشيخ أبو عليٍّ وجهين؛ في أنه يجب المهر، ثم يسقط أو لا يجب أصلاً ووجه الأولُ ألاَّ يعزي النكاح عن المهر، فالنكاحُ بلا مهْر من خصائص رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

ووجْه الثاني: أن المعنى المسقِطَ للمهر كونُه (١) ملكًا، وأنَّه مقترنٌ بالعقد، فيدفع الوجوب، ولو أعتقهما السيد أو أحدهما، لم يلْزَمِ أيضاً لا للسَّيِّد، ولا للمعتَقة، وإن جرى الدخول بعد العِتْق؛ لأن المهْرَ لم يثبت في الابتداء، فلا يثبت بعْدَه، وكذا لو باعها، ودخَل الزوْج بها في ملْك المشتري، لا يجب المهر؛ لأنه ملك بضْعَها بغير عِوَضٍ في الابتداء.

وقال الشيخ أبو عليٍّ: ويجوز أن يُقَالَ: إذا أعتقها أو أعتق الزوج، ثم دَخَل بها يجبُ المهر، فإن لم يجبْ في ابتداء العقْد، كما في المفوَّضة، يجب المهر، إذا جرى الدُّخُول، وإن لم يجب، في الابتداء، قال: وهذا إذا قلْنا: لا يجب المهرُ بالعقد، أما إذا قلْنا: إنه يجب، ثم يسقط، فلا يجيء هذا الاحتمالُ، وتكون كما لو أبرأَتْ عن المهر، ثم دخل بها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ لأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكَحِينِي لَمْ تُعْتَقَ إلاَّ بِالْقَبُولِ، ثُمَّ لاَ يَلْزَمُهَا الوَفَاءُ، وَعَلَيْهَا قِيمَتْهَا، فَإنْ نَكَحَهَا بِقِيمَتِهَا الَّتِي عَلَيْهَا وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَفِي صِحَّةِ الصَّدَاقِ وَجْهَانِ، فَلَوْ أَتْلَفَتْ عَبْداً عَلَى رَجُلٍ فَنَكَحَهَا بِالقِيمَةِ المَجْهُولَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَتِ السَّيِّدَةُ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْكِحَنِي عَتَقَ بِغَيْرِ قَبُولٍ عَلَى الأَظهَر، كَمَا لَوْ قَالَ للِزَّوْجَةِ: طَلَّقْتُكِ عَلَى أَنْ لاَ تَحْتَجِبِي عَنِّي وَعَلَى أَنْ أُعْطِيَكِ شَيْئاً، وَسَبِيلُ السَّيِّدِ الرَّاغِبِ فِي نِكاحِهَا أَنْ يَقُولَ: إنْ يَسَّرَ الله بَيْنَنَا نِكاحَاً صَحِيحاً فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ثُمَّ يَنْكِحُهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قال لأمته: أعتقتُكِ على أن تَنْكِحِيني، أو على أن أنْكِحَكِ، لم تُعْتَق إلا بالقَبُول على الاتصال، ولا فرْقَ بين أن يَقُولُ مع ذلك: وعتقك وصداقك أو لا


(١) في أ: مالكاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>