يقول، ولو قالت أولاً: أعتقْتَنِي علَى أن أنْكِحَكَ، فأجابها إليه، فكذلك الحكْمُ، ثم لا يلزمها الوفاءُ، فإن النكاح لا يصحُّ التزامه في الذمَّة؛ ألا ترَى أنه لو أسلم إلَيْها دراهم في نكاحها، لم يصحَّ، وفي "شرح مختصر الجوينيِّ" حكايةُ وجْهٍ عن أبي إِسْحَاقَ المروزِّي: أنه يجب عليها الوفاء بذلك، ولا اعتماد عليه، وعن أحمد في أظهر الروايتَيْن: أنها تُعْتَق، وتصير زوجةً له بالمخاطبة التي جَرَت بينهما، إن حضرها شاهدان، ويجب عليها للسيد قيمتُها؛ لأنه أعتقها علَى عوض لا مجَّاناً؛ لكنه عوضٌ فاسدٌ، فصار كما لو أعتقها علَى خمرٍ أو خنزيرٍ، ولا فرق في لزوم القيمة بين أن يَفِيَ بالنكاح المشروط، أو لا يفي، وإذا رغبتْ في النكاح، فللسيِّد أن يمتنع، ولا تسقط القيمة بذلك، وَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: إن وقت، فلا قيمةَ عليها، وعن مالك أنَّه لا قيمة عليها بحال، ولو تَرَاضَيَا على النكاح، وأصْدَقَها غير القيمة الواجبة علَيْها، فلها ما أصْدَقَها، وعليها القيمةُ له، وقد يقعُ في التَّقَاصِّ، وإن أصدقها القيمةَ الواجبةَ عَلَيْها، فإن كانا عالمَيْن عند العقْد، صحَّ الإِصداق، وبرئت ذمتها، وإن جهلا أو أحدهما، فوجهان:
أحدهما: وهو الأصح: الفسادُ، كما لو أصْدَقها سائِرَ المجاهيل، فلها مهْرُ المثْل، وَعَلَيْهَا الْقِيمَةُ.
والثاني: وبه قال ابن خيران: أنه يصحُّ؛ لأن القيمةَ لمْ تَثْبُت مقصودةً، إنما كان مقصودُ السيد أن يَنْكِحَها، وإذا ثبت، فالغَرَضُ مِنْ جعله صَدَاقاً بَرَاءَتُها، وأيضاً، فإن القيمة بدلُ الرقبة، ولو أَصْدَقَهَا عَبْداً، وَجهِلا قيمته، يصح، فكذلك هاهنا ولو أتلفت امرأةٌ عبداً علَى رجل، ولزمتها قيمته، ثمَ نَكَحَها الرجلُ بالقيمةِ المجهولةِ، فسد الصَّدَاقُ، ورَجع إلَى مهر المثل قَالَ الإِمَامُ: ولو طرد طاردٌ الوجهَيْنِ في هذه الصورة، فهوَ قياسٌ، وإن نكحها على أن يكون صداقها عتقها صداقاً لها، فسد الصَّداق؛ لأن العتْقَ قد حَصَل وتقرَّر، فلا يصح أن يكون صداق النكاحِ متأخِّراً.
وفي "رقْم العباديِّ" وجه آخر: أنه يصح، وكأنه بالشرط السابق جَعَل رقبتها صَداقاً لها، والمستولدةُ، والمدبَّرة، والمكاتَبةُ، والمعتَقُ بعْضُها حكمُهن في الإِعتاق على أن تَنْكِحْنَهُ حكْمُ القِنَّة.
وعن رواية أبي الحُسَيْن بْنِ الْقَطَّانِ وجه: أنه لا قيمة على المستولَدَة؛ لأنَّهَا لا تبَاعُ وَلاَ تُشْتَرَى، ولو قال لغيره: أَعْتِقْ عبدك علَى أن أُنْكِحَكَ ابنتي، فأجاب أو قالت له امرأة؛ أَعْتِقْهُ علَى أن أنْكِحَك، ففعل، عَتَق العبد، ولم يلزم الوفاءُ بالنِّكَاحِ، وفي وُجُوبِ قيمة العبد وجهان، بناءً على القولين فيما إذا قال: أَعْتِقْ عبدك عنك على ألْفٍ؛ علَى أنه، هل يلزمه الألف؟ والأصحُّ عند الشيخ أبي حامد وصاحب"التهذيب" وغيرهما: أنه لا يلزمه؛ لأنه لا يعود إليه منفعةٌ بعتقه، ولو قال لأمته: أعتقْتُكِ على أنْ