للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهرويُّ -رحمه الله- ومنهم من رجَّح الانفساخ ههنا وهو الأشبه؛ لأن تعلُّق السيد بمال المكاتَب فوق تعلُّق الأب بمال الابن، فحدُوثُ ملك المكاتَب يقرب إذا ملك زوجة نَفْسه والله أعلم.

ثم لا يخفى مواضع العلامات في الفصْل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الرَّابعُ فِي تَزْوِيجِ الإِمَاءِ) وَللسَّيِّدِ أنْ يَسْتَخدِمَهَا نَهَاراً، وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الزَّوْجِ لَيْلاً، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُبوِّئ لَهَا بَيتاً في دَارِهِ، أَمْ للِزَّوْجِ أن يَخْرُجَ بِهَا لَيْلاً؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، فَإنْ قُلْنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَتْ مُحْتَرِفَةً وَأَمْكَنَهَا ذَلِكَ في يَدِ الزَّوْجِ فَهَلْ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا نَهَاراً؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلاَ خِلاَفَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ المُسَافَرَةَ بِهَا لَكِنْ لاَ يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنَ الخُرُوج لِيَصْحَبَهَا لَيْلاً، وَإذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلاَّ بِاللَّيْلِ فَالوَاجِبُ شَطْرُ النَّفَقَةَ، وَقِيلَ: لاَ يَجِبُ أَصلاً، وَقِيلَ: يَجِبُ الجَمِيعُ، وَمَهْمَا سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ سُقَطَتْ نَفْقَتُهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ [ثَلاَثُ] مَسَائِلَ:

الأُولَى (١): السيد إذا زوَّج أمته، لم يلزمه تسليمها إلى الزَّوْج ليلاً ونهاراً، لكن يستخدمها نهاراً، ويسلِّمها إلى الزوج ليلاً؛ وذلك لأنَّ السيد يملك منفعتَيْن من أمته؛ منفعةَ الاسْتِخدام ومنفعةَ الاستمتاع، وإذا زوَّجها، فقد عقد علَى إحدى منفعتَيْها، وبقيَتِ المنفعةُ الأخْرَى، فيستوفيها في وقْتِها، وهو النَّهار، وهذا كما أنَّه إذا أجر أمته يسلِّمها إلى المُسْتأجر نهاراً، ويُمْسِكُها لاستيفاء المنفعة الأخْرَى في وقتها، وهو الليلُ، ويتبيَّن من هذا؛ أنه لو أراد السيد أن يسلِّمها نهاراً بدلاً من الليل، لا (٢) يجوز؛ لأن اللّيلَ وقْتُ


(١) في أ: إحداهما.
(٢) نص الشَّافعي في البويطي أن وقت تسليمها مضيّ ثلث الليل.
قال في المهمات: واعلم أنه يحرم على سيد الأمة المزوجة النظر إليها والخلوة بها. وهذا عجيب فإن الصحيح أن السيد له النظر إلى أمته المزوجة ما عدا ما بين السرة والركبة، واعترض عليه الأذرعي في التوسط ورد ما قاله. قال الشيخ جلال الدين البلقيني: لو كان الزوج ممن شغله بالليل كالأتوني والحارس فإن النهار هو محل سكونه والليل محل شغله، فإن أراد السيد أن يسلمها لهذا نهاراً بدلاً عن الليل كان له ذلك وإن لم يرض السيد بتسليمها نهاراً أو قال أسلمها ليلاً على عادة الناس الغالبة فمن المجاب لم أرَ من تعرض لذلك لكن الظاهر أن المجاب الزوج كما لو أراد السيد أن يبدل عماد السكون الغالب وهو الليل بالنهار فإنه لا يمكن لذلك. انتهى.
قال الأذرعي في القوت: ما سبق في غير المكاتبة كتابة صحيحة أما هي فمستقبلة وقد يقال له منعها منه نهاراً إذا كان يفوت به تحصيل النجوم.
ثم رأيت من قال هل تسلم إليه ليلاً ونهاراً. قال الماوردي: نعم. وحكى القاضي الحسين فيه وجهين انتهى ما أردته منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>