للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستراحةِ والاستمتاعِ، وعليه التعويلُ في القسم بيْنَ النساء، ولو قال السيِّدُ: لا أُخْرِجُها من داري، ولكن أُبوِّيءُ لَكَ بيتاً لتدخله، وتَخْلُوَ بها، حكى الإِمام فيه قولَيْن:

أظهرهما: أنه ليس له ذلك، فإنَّ الحياء والمروءة يمنعانِهِ من دْخُول داره، وعلى هذا، فلا نفقة على الزوج، كما إذا قالَتِ الحرةُ: ادْخُل إِلى بيتي، ولا أخرج إلَى بيتك.

والثاني: أن للسيد ذلك لتدوم يدُهُ علَى ملكه مع تمكُّن الزوج من الوصول إلى حقِّه، وعلى هذا فيلزمه النفقةُ، فإن قلْنا بالأول، فلو كانت محترفةً، فقال الزوجُ: دعُوها تحترفُ للسيد في يدي وبيتي، فهل يجاب؟ فيه وجهان:

أظهرهما: لا، وللسيد أن يرتَبِطَها عنده؛ لأنه قد يبْدُو له في الحِرْفة، ويريد أن يستَخْدِمها.

والثاني: وبه قال أبو إِسحَاقَ المَرْوَزِيُّ: يجاب محافظةً على الجانَبْين. الثانية: للسيِّد أن يسافر بها؛ لأنه مالكُ رقبتها، فيقدَّم جانبه على جانب مالك المنفعةِ، ولا يمنع الزوْجُ من المسافرة معَها، ليستمتعَ بها ليلاً، ولا يكلَّف أن يسافِرَ مَعها، وينفق عليها، وإذا لم يسافِرْ معَها، لم يكنُ عليه نفقتها، وأما المَهْر، فيُنْظر؛ إن كان قد (١) دخل بها، فقد استقر وعليه تسليمه، وإن لم يكنُ دخَل بها، لم يلزْمه تسليمه، وإن كان قدْ سلمه، فله أن يسترده.

الثالثة: إنْ سامَحَها السيِّد، فسلمها ليلاً ونهاراً، فعلى الزوْج تسليمُ المهْر وتمَامُ النفقة، وإن لم يسلِّمها إلا بالليل، ففي النفقة وجوه:

أظهرها: عند جمهور العراقيين وصاحب "التهذيب": أنَّه لا يجبُ شيْءٌ منها، وبه قال أبو إِسْحَاق؛ لأنه لم يوجد التسليمُ والتمكينُ التامُّ.

والثاني: ويحكَى عن ابن أبي هريرة: أنَّه يجب شطر النفقة، توزيعاً لها على الزمان، وبهذا قال أبو محمَّد أحمد بنُ ميمونٍ الفارسيُّ من أصحابنا فيما حكى الشيخُ أبو عاصمٍ في "الطبقات" ونظْمُ الكتاب يقتضي ترجيحَ هذا الوجْه، وإليه مال ابنُ الصَبَّاغِ.

والثالث: عن الشيخ أبي محمَّد: أنه يجبُ تمام النفقة؛ لأنه وجد التسليمُ الواجب، ويرُوَى هذا عن المُزَنِّي في "المنثور" وأجرى الوجهين الأوَّلين فيما إذا سلمت الحرَّة نفْسَها ليلاً، واشتغلت عن الزَّوْج نهاراً (٢).

وأما المهْرُ فعن الشيخ أبي حامد؛ أنه لا يجب تسليمُهُ كالنفقة.


(١) قال النووي: وليس للزوج المسافرة بها منفرداً إلا يأذن السيد.
(٢) قال النووي: الصحيح الجزم في الحرة بأنه لا يجب شيء في هذه الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>