للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانِي: يحرم ويحكى ذلك عن الأِصْطَخْرِيِّ في رواية الدَّارِكِيِّ وعن أبي علي الطَّبَرِي، واختاره الشيخ أبو محمَّد والإمام رحمهما الله ووجهه باتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سَافِرَاتِ، ولوَ حل النظر لنزلن منزلة المُرْد، وبأن النظر إليهن مظنة الفتنة، وهن محل الشهوة فاللائق بمحاسن الشَّرْعِ حسم الباب والإعراض عن تَفَاصِيلِ الأَحْوَالِ كَالْخُلْوَةِ بالأَجْنَبِيَّةِ (١)، هذا ما ذكره في الكتاب وبه أَجَاَبَ صاحب "المهذب" والقاضي الرُّويانيُّ وليس المراد من الكف مجرد الرَّاحَةِ، بل اليد من رؤوس الأَصَابعِ إلى المِعْصَمِ وفيه وَجْهٌ [آخَرُ] أَنَّهُ يختص الحكم بالراحة، وأخمصا القدمين على الخلاف الْمَذْكُورِ في سِتْرِ الْعَوْرَةِ من "باب شرائط الصَّلاةِ"، وصوتها ليس بعودة على أَصَحِّ الوجهين لكن يحرم الإصْغَاءُ إليه عند خوف الْفِتنَةِ وإذا قرع عليها الباب، فلا ينبغي أن تجيب بصوت رخيم، بَلْ يَنْبَغِي أن تغلظ صوتها (٢). هذا إذا كان الناظر إليها بَالِغاً فَحْلاً، والمنظور إليها حُمَّرة كَبِيْرَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ. ثُمَّ الكلام في سِتِ صُوَرٍ:

إحداها: الطفل الذي لم يظهر على عورات النِّسَاءِ لا حجاب منه قال الله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] وفي المراهق وَجْهَانِ:

أحدهما: وبه قال أبو عبد الله الزُّبَيْرِيُّ: أن له النظر كما له الدخول من غير استئذان إلاَّ في الأوقات الثلاثة.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ...} [النور: ٥٨] الآية -وعلى هذا فنظره كنظر البالغ إلى الْمَحَارِمِ.

والثاني: إنَّ نظره كنظر البالغ إلى الأجنبيات لظهوره على العورات، وهذا أصح


= عنق ابن عمك، فقال: رأيت شابأ وشابة فلم آمن عيهما الشيطان، صححه الترمذي، واستنبط منه ابن القطان: جواز النظر عند أمن الفتنة من حيث إنه لم يأمرها بتغطية وجهها ولو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل، ولو لم يكن ما فيه جائزاً لنا أقره عليه.
قال الحافظ: فائدة: اختار النووي أن الأمة كالحرة في تحريم النظر إليها. لكن يعكر عليه ما في الصحيحين في قصة صفية فقلنا: إن حجبها فهي زوجته وإن لم يحجبها فهي أم ولد كذا اعترضه ابن الرفعة، وتعقب بأنه بدل على أن الأمة تخالف الحرة فيما تبديه أكثر مما تبديه الحرة، وليس فيه دلالة على جواز النظر إليها مطلقاً.
(١) الصحيح التحريم كما ذكره الشيخ في المنهاج وجنح إليه في المحرر.
قال في التوسط: بل الظاهر أنه اختيار الجمهور، وممن جزم به غير من تقدم المحاملي في المجموع والتجريد، والدارمي وهو قضية كلام الرازي في التقريب والمجرد، وقال الإمام: إن إليه ميل العراقيين إلى آخر ما ذكره.
(٢) قال النووي: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها، كذا قاله أصحابنا. قال إبراهيم المروذي: طريقها أن تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>