للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما ذكره أبو الفرج الزَّازُ وغيره ونزَّل الإِمام أمر الصَّبِي على ثَلاثِ دَرَجَاتٍ:

إحداها: أَلاَّ يبلغ مبلغاً يحكى ما يراه.

والثانية: أن يبلغه، ولا يكون فيه ثَوَرَاتُ شَهْوَةٍ وتشوُّق.

والثالثة: أن يبلغه، فالذي في الدرجة الأولى حضوره كغيبته، ويجوز التَّكَشُّفُ له من كل وجهُ، الذي في الثالثة كالْبَالِغِ في النظر، والذي في الثانية يَنْزِلُ منزلة المحارم.

واعلم أن الصبي لا تكليف عليه، وإذا جعلناه كالبالغ فمعناه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه كما أنه يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعاً.

والثانية: في الممسوح وجهان: قال الأكثرون: نَظَرُهُ إلى الأجنبية كنظر الفعل إلى المحارم (١)، وعليه يحمل قوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: ٣١].

والثاني: إنه كنظر الفعل إلى الأجنبية؛ لأنه يحل له نكاح التي ينظر إليها فكيف يجعل كالمحرم. والمجبوب الذي بقي أنثيياه والخصي الذي بقي ذكره كالفحل وكذا العنين، والمخَنَّث المُتَشَبِّهُ بالنساء والشَّيخُ الهرم كذلك (٢) أطلق أكثرهم.

وقال في "الشامل": الخصي لا يحل له النظر إلاَّ أن يكبر ويهرم وتذهب شهوته، وكذا المخنث. وَحَكَى أبو مخلد البصري -وهو من مَتأخِرِي الأَصْحَابِ- في الخصي والمخنث، وجهين على الإِطلاق (٣).

والثالثة: مَمْوكُ المرأة -هل يكون محرماً لها؟!.

فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لقوله -تعالى-: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١]، وعن أنس -رضي الله عنه- أن النَّبيَّ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَتَي فاطِمَةَ -رَضْيَ اللهُ عَنْهَا- بعَبْدٍ قَدْ وَهَبَة لَهَا وَعَلَى فَاطِمَةَ ثَوْب إِذا قَنَعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبلُغْ رجلها وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا فَلَمَّا رَأْىَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا تلقى قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلاَمُكِ" (٤).


(١) قال النووي: وإذا جعلنا الصبي كالبالغ، لزم الولي أن يمنعه النظر، كما يلزم أن يمنعه الزنا وسائر المحرمات. والله أعلم.
(٢) في أالهم وهما بمعنى واحد.
(٣) قال النووي: هذا المذكور عن "الشامل" قاله شيخه القاضي أبو الطيب، وصرح بأن الشيخ الذي ذهبت شهوته، يجوز له ذلك، لقوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}. والله أعلم.
(٤) أخرجه أبو داود [٤١٠٦] من حديث أنس وفيه سالم بن دينار أبو جميع مختلف فيه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>