للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَقَّ عليها وأوحشها، هذا هو الأظهر، وفيه وجهان آخران:

أحدهما: عن رواية الماسرجسي أنه ينظر إليها حين تأذن في عقد النكاح؛ لأنه وقت الحاجة.

والثاني: عند ركون كُلِّ وَاحدٍ منهما إلى صاحبه، وذلك حين تحوم الخطبة على الخطبة (١).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ يَحِلُّ للِرَّجُلِ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ المَرْأَةِ إِلاَّ إِذَا كَانَ النَّاظِرُ صبِيّاً، أَوْ مَجْنُوناً، أَوْ مَمْلُوكاً (ح و) لَهَا، أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً (و)، أَوْ رَقِيقَةً (و)، أَوْ مَحْرَماً فَلْيَنْظُرْ إلَى الوَجْهِ وَاليَدَيْنِ فَقَطْ.

قال الرَّافِعِيُّ: جَرَتِ الْعَادَةُ بذكر حكم النظر هنا، وذاك إِمَّا أن إلاَّ تمس إليه الحاجة أو تمس:

الحالة الأولى: إذا لم تمس إليه الحاجة وهو على أرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

نَظَرُ الرجل إلى المرأة وبالعكس، وَنَظَرُ الرَّجُلِ إِلى الرجل وَنَظَرُ المرأة إلى المرأة.

القسم الأول: نَظَرُ الرَّجُل إلى المرأة ويحرم عليه أن ينظر إلى ما هو عورة منها وكذا إلى الوجه والكفين إن كان يخاف من النظر الْفِتْنَةَ قال اللهُ تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] وإن لم يَخَفْ فوجهان.

قال أَكْثَرُ الأصحاب -لا سيما المتقدمون: لاَ يَحَرَّمُ؛ لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]- وهو مُفَسَّرٌ بالوجه والكفين، نَعَمْ يُكرَة ذلك -ذكره الشيخ أبو حَامِدٍ وغيرُهُ (٢).


(١) قال النووي: وإذا نظر فلم تعجبه، فليسكت، ولا يقل: لا أريدها؛ لأنه إيذاء والله أعلم.
(٢) روى البيهقي من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: الوجه والكفان، ومن طريق عطاء عن عائشة نحوه وروى الطبري من طريق مسلم الأعور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: هي الكحل وتابعه خصيف عن عكرمة عن ابن عباس عند البيهقي.
قال الحافظ: تنبيه: احتج الرافعي بهذا على منع البالغ من النظر إلى الأجنبية، وأولى منه ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس: أردف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفضل بن عباس يوم النحر خلفه -الحديث- وفيه قصة المرأة الوضية الخثعمية، فطفق الفضل ينظر إليها فأخذت بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، وزواه الترمذي من حديث على نحوه، وزاد: فقال العباس: لويت =

<<  <  ج: ص:  >  >>