فقالت الحنفية: يصح البيع بشرط البراءة من كل عيب وسواء سمى العيوب أو لم يسمها ظاهرة أو خفية، علم بها البائع وقت البيع أو لم يعلم بها. وقد أيدوا رأيهم هذا بأن الرد بالعيب حق المشتري وحده، وقد قبل البيع ملتزماً إسقاط هذا الحق فيعمل بالتزامه، وهذا الدليل كما ترى جار في كل عيب. وقالت الشافعية: على الراجح لديهم لو شرط البراءة من العيوب فإنه لا يبرأ إلا من عيب باطن بالحيوان لم يعلمه. والمراد بالباطن ما لا يطلع عليه غالباً. فالشرط عندهم في براءة البائع إذا باع على البراءة ينحصر في كل عيب خفي إذا كان بالحيوان فقط، ويكون البائع مع ذلك غير عالم به وقت البيع، فإن اختل أحد هذه الشروط فشرط البراءة غير صحيح. وقد احتج الشافعية لمذهبهم بأن قبول المشتري البيع على هذا الشرط إبراء للبائع من ضمان العيوب التي قد توجد بالمبيع، وهو عنده وهذه العيوب مجهولة للمشتري، لأن الفرض أنه غير عالم بها والإبراء من المجهول لا يصح شرعاً؛ لأن الإبراء تمليك، وتمليك المجهول لا يصح باتفاق غاية ما هناك خرج عن هذا الأصل صورة واحدة. وهي ما إذا كان العيب خفياً بحيوان ولم يعلم به البائع. للدليل وهو ما روى مالك في الموطأ: "أن ابن عمر -رضي الله عنه- باع غلاماً بثمانمائة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه وهو زيد بن ثابت لعبد الله بن عمر: بالعبد داء لم تسمه لي، فاختصما إلى عثمان -رضي الله تعالى عنه- فقضى على ابن عمر أن يحلف لقد =