(١) النجش في اصطلاح الفقهاء هو أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ليفر من يريد شراءها فيشتريها بأكثر من قيمتها. وهو مأخوذ من ينجش الصيد ينجشه نجشاً إذا استثاره ليصيده، فكما أن الصائد يحتال على الصيد بعمله هذا ليقتضيه، فالناجش يحتال على المشتري حتى يشتري السلعة بأكثر مما تستحق. فالفعل يدل لغة وشرعاً على الاحتيال والمكر والخداع. ومعنى خيار النجش على هذا ثبوت حق فسخ البيع للمشتري في كل بيع قد غر فيه على النحو الذي بيناه. والنجش في البيع حرام باتفاق الفقهاء، إذا أدى إلى بيع السلعة بأكثر من قيمتها للنهي عنه، فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لاَ تَنَاجشُوا" والمعنى فيه أنه تغرير وتحايل وإيقاع الأذى بالغير. فإن لم يؤد إلى بيع السلعة بأكثر من قيمتها فهو أيضاً حرام عند الشافعية لعموم النهي، ولأن المشتري يتأذى به على كل حال إذ لولا النجش لكان من الممكن أن يشتريها بأقل سعراً مما اشترى، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ". بينما هو حلال عند الحنفية؛ لأنه يؤدى إلى نفع مسلم -هو البائع- من غير إضرار بغيره؛ لأن الفرض أن المشتري اشتراها بقيمتها أو أقل. وأكثر العلماء على أن النجش وإن أدى إلى بيع السلعة بأكثر من قيمتها فهو لا يفسد البيع؛ لأن النهي راجع إلى أمر خارج عن العقد. وقليل منهم هم الذين قالوا إن النجش يفسد البيع، لأن مطلق النهي عندهم يقتضي الفساد ويروى هذا عن أحمد، وينسبه بعضهم أيضاً إلى أهل الظاهر. والذي رأيناه لابن حزم أن البيع صحيح وللمشتري الخيار. والذين قالوا إن البيع صحيح اختلفوا في إثبات الخيار للمشتري إذا غبن. وكل قال بموجب مذهبه في الخيار بالغبن. فلا خيار له عند الشافعية والحنفية، وله الخيار عند الحنابلة وابن حزم للتضليل عليه. وقال الأولون هو المقصر. وأما المالكية ففصلوا تفصيلاً أراه وجيهاً، فقالوا إن ثبت علم البائع بغرض الناجش، فللمشتري الخيار لسوء نية البائع؛ ولأنه حينئذ يكون =