للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجهة غير جهة الأم بخلافهن، لأنه من مفهوم اللقب وهو غير حجة، ومن قال بالمفهوم قال: لا يحرم بالرضاع إلا الأمهات والأخوات، ولو حرمن غيرهن لذكره المولى (١).

وقد تعلق بعض العلماء بهذا المفهوم، واستدلوا على عدم تحريم رضاع الرجل، لأنه ليس أُمّاً، وكذا البهائم لا تكون أمّهات. (٢)

قال ابن العربي: " ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ وهما محرمتان بالقرآن، ولم يذكر المحرم بالرضاعة في القرآن سواهما، والأم أصل والأخت فرع، فنبه بذلك على جميع الأصول والفروع، وثبت عن النبي أنه قال «يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة» (٣) " (٤).

قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ جمع مضاف فيعم، فتحرم على الزوج أم زوجته، وجدتها، سواء كانت من جهة الأب أو من جهة الأم من نسب أو رضاع، سواء دخل بالمرأة أو لم يدخل بها، "لصدق الاسم على هؤلاء كلهن" (٥)، فقال سبحانه: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ عطفا على قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ أما تحريم الجدات فإما أن يكون بعموم اللفظ لحقيقته ومجازه، أو أن تحريمهن كان بالإجماع -كما سبق- وقد يكون التحريم بمفهوم الموافقة المساوي، إذا قلنا: إن الأم في الآية بمعنى الأصل.


(١) انظر: تيسير البيان للموزعي (٢/ ٣٢٤ - ٣٢٥)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٢٧).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٢٧)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٠٧).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، برقم (١٤٤٤).
(٤) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٧٣).
(٥) زاد المعاد لابن القيم (٥/ ١٢١).

<<  <   >  >>