للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن كلاًّ منهما لفظ يحمل على أكثر معانيه، فكما أنه يجب حمل العموم على أكثر ما يقتضيه اللفظ، ولا يجوز قصره على الأقل إلا بدليل يدل على القصر؛ فكذلك لفظ الأمر إن كان يفيد الإباحة والندب والإيجاب فيحمل على الإيجاب؛ لأن الإيجاب فيه معنى زائد على معنى الإباحة والندب.

• المثال الثاني:

قال الشيرازي في مسألة (خبر الواحد فيما تعم به البَلْوى): "ويجب العمل به فيما تعمُّ به البَلْوى، وفيما لا تعمُّ. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يجوز العمل به فيما تعمُّ به البَلْوى (١).

والدليل على فساد ذلك: أنه حكم شرعي يُسَوَّغُ فيه الاجتهادُ؛ فجازَ إثباتُه بخبر الواحد قياسًا على ما لا تعمُّ به البَلْوى" (٢).

• بيان الاستدراك:

استدرك الشيرازي على قول الحنفية بدليل يدل على فساد قولهم، وهذا الدليل من القياس، وهو قياس الحكم الذي تعم به البلوى على الحكم الذي لا تعم به البلوى بجامع أن كليهما حكم شرعي يسوغ فيه الاجتهاد.

• المثال الثالث:

قال السمعاني في مسألة (استعمال اللفظ الواحد في الحقيقة والمجاز): "فإن قيل: فعلى ما قلتم تكون الكلمة الواحدة مجازًا وحقيقة وهذا يستحيل.

قلنا: هذا لا يأباه؛ لكن المجاز متعلق فيها بغير ما تعلق به الحقيقة؛ وهذا كالأمر الذي هو نهي عندنا عن جميع أضداد ما تناوله الأمر، فهو إذًا أمر ونهى؛ لكن اجتماعهما


(١) يُنظر: أصول السرخسي (١/ ٣٦٨)؛ تيسير التحرير (٣/ ١١٢)؛ فواتح الرحموت (٢/ ١٢٨).
(٢) اللمع (ص: ١٥٧).

<<  <   >  >>