إسناد ابن ماجه رجاله كلهم ثقات فالحديث صحيح. وهو ثابت في الصحيحين كما تقدم، لكن زادت رواية ابن ماجه القسم بلفظ:{والذي نفسي بيده}
وقد ذكر ابن حجر في (الفتح ١١/ ٤٨٦، ٤٨٧) أنه يحتمل أن يكون المقسم هو النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون من بعض الرواة فيكون مدرَجاً في الخبر من كلام ابن مسعود، ثم ذكر أن الادراج لايثبت بالاحتمال، وأكثر الروايات تقتضي الرفع.
وجاء ما يفيد وقفه في رواية سلمة بن كهيل عند أحمد في (المسند ١/ ٤١٤)، حيث رواه عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قوله:"والذي نفس عبد الله بيده"، وخلت بعض الروايات من هذه الزيادة، لكنها وقعت مرفوعة في رواية صحابة آخرين وهذا يقوي أن الجميع مرفوع، وتحمل رواية سلمة بن كهيل على أن ابن مسعود لتحقق الخبر في نفسه أقسم عليه ويكون الإدراج في القسم لا في المقسم عليه، ويؤيد الرفع أنه ممالامجال للرأي فيه فيكون له حكم الرفع. وهذا الكلام يجعل لفظ القسم محتملا إدراجه لكن كلام ابن رجب في (جامع العلوم والحكم ١/ ١٦٩) يشعر أنه يميل إلى أنه مرفوع والله أعلم.
الفوائد:
(١) المبالغة في تأكيد الخبر الذي يستبعده المخاطب حيث اقسم صلى الله عليه وسلم، ووصف المقسم به، وأتى بإن واللام في قوله:{فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل}.
(٢) أن الأعمال حسنها وسيئها أمارات وليست بموجبات.
(٣) أن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء، وجرى به القدر في الابتداء والاعتبار بالخاتمة.
(٤) القسم على الخبر الصدق تأكيداً في نفس السامع.
(٥) التنبيه على صدق البعث بعد الموت؛ لأن من قدر على خلق الشخص من ماء مهين ثم نقله إلى العلقة فالمضغة، ثم نفخ فيه الروح قادر على نفخ الروح فيه بعد أن صار تراباً، وعلى جمع أجزائه بعد تفرقها، ولقد كان قادراً على أن يخلقه دفعة واحدة ولكن اقتضت الحكمة بنقله في الأطوار رفقاً بالأم؛ لأنها لم تكن معتادة فكانت المشقة تعظم عليها فهيأه في بطنها بالتدريج إلى أن تكامل، ومن تأمل خلقه وتنقله في تلك الأطوار كان حقاً عليه أن يشكر من أنشأه وهيأه وأن يعبده حق عبادته، ويطيعه ولايعصيه.