وقد ورد عن الحاكم ما يخالف ذلك: فقد نقل الشاذياخي (فيما حكاه السبكي في طبقات الشافعية ٤/ ١٦٨، ١٦٩)، والذهبي في (السّير ١٧/ ١٦٨، ١٦٩) قول الحاكم: " لايصح ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ". وعلق الذهبي بقوله: هذه حكاية قوية فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك فكأنّه اختلف اجتهاده.
(٢) الذهبي: مال في (السّير ١٣/ ٢٣١ - ٢٣٣) إلى القول بقبوله، واشتغل بتأويله والذب عن أنس رضي الله عنه في الرواية التي وردت أنه رد عليا عدة مرات، وذلك في رده على ابن أبي داود، وذكر في (السّير ١٧/ ١٦٩) أنه جمع طرقه في جزء ثم ذكر في (١٧/ ١٧٥) أن في المستدرك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء. وقال في (١٣/ ٢٣٣): وحديث الطير على ضعفه فله طرق جمة، ولم يثبت ولا أنا بالمعتقد بطلانه. وقال في (التذكرة ٣/ ١٠٤٣): له طرق كثيرة جداً قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل، لكنه في (تلخيص المستدرك ٣/ ١٣١) انتقد الحديث وقال: لقد كنت زمانا طويلا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه فلما علقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء، وقد نقل ابن كثير في (البداية والنهاية ٧/ ٣٥١ - ٣٥٣) كلاما للذهبي يتعقب فيه الحاكم ـولم أجده في التلخيص المطبوع ـ ومن ذلك قوله بعد قول الحاكم: قد رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا، قال: فصلْهم بثقة يصح الإسناد إليه، وبعد قوله:" وصحت الرواية عن علي، قال: لاوالله ماصح شيء ومن ذلك".
وطريق ثابت البناني قال: منكر سنداً ومتناً، ونقل ابن كثير قوله في الجزء الذي جمعه في هذا الحديث: الجميع بضعة وتسعون نفسا أقربها غرائب ضعيفة وأردؤها طرق مختلقة مفتعلة، وغالبها طرق واهية. وفي (تلخيص العلل ١/ ٣٥٩ - ٣٦٣) ذكر علل كل طريق ملخصا كلام ابن الجوزي، ولم يتعقبه لكنه ذكر في أوله أن رواية الترمذي أمثلها ومعها متابعة مسهر بن عبد الملك. واختار محمود ممدوح محقق (النقد الصحيح /٧٨، ٧٩) أن الذهبي قد تراجع عن حكمه في تلخيص المستدرك، وقد اختار في تاريخ الإسلام القول بالقبول، وذكر أن بعض طرقه على شرط السنن.
(٣) العلائي: قال في (النقد الصحيح ٤٩ - ٥١): له طرق كثيرة غالبها واه، وفي بعضها ما يعتبر به فيقوي أحد السندين بالآخر، وأمثل ما ورد به طريقان وذكر رواية الترمذي ورواية النسائي في الخصائص ثم قال والحق: أنه ربما ينتهي إلى درجة الحسن، أو يكون ضعيفا ضعفا محتملا، وأما أن ينتهي إلى كونه موضوعا في جميع طرقه فلا، ولم يذكره ابن الجوزي في كتاب الموضوعات.
(٤) ابن حجر: حسنه في أجوبتة على الأحاديث المنتقدة على (المشكاة ٣/ ٣١٤) وقال: لايتأتى الحكم عليه بالوضع والله أعلم، وقال: رواية سفينة، وابن عباس عند الطبراني: سند كل منهما متقارب، وقال