للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للمشقة، وإلا الزكاة؛ فإنه يجوز تقديمها قبل وقت إعطائها، قيل: والكفارات؛ فإنه يجوز تقديمها قبل الفعل والشروع.

ثانيها: ينبغي لمن أراد شيئًا من الطاعات أن يستحضر النية، فينوي به وجه الله تعالى. وهل يشترط ذَلِكَ أول كل عمل وإن قَلَّ وتكرر فعله مقارنًا لأوله؟ فيه مذاهب: أحدها: نعم. وثائيها: يشترط ذَلِكَ في أوله ولا يشترط إذا تكرر، بل يكفيه أن ينوي أول كل عمل، ولا يشترط تكرارها فيما بعد ولا مقارنتها ولا الاتصال. وثالثها: يشترط المقارنة دون الاتصال. ورابعها: يشترط الاتصال وهو أخف من المقارنة.

وكأن هذِه المذاهب راجعة إلى أنَّ النية جزء من العبادة أو شرط لصحتها، والجمهور على الأول، ولأصحابنا وجه بالثاني، والشرط لا (يجب) (١) مقارنته ولا اتصاله ولا تكراره للمشروط، بل متى وجد ما يرفعه أو ينفيه وجب فعله، وقال الحارث بن أسد المحاسبي (٢): الراجح عند أكثر السلف الاكتفاء بنية عامة، ولا يحتاج إليها في كل جزء لما فيه من الحرج والمشقة.

الثالث: النية وسيلة للمقاصد، والأعمال قد تكون وسيلة وقد تكون مقصودة وقد يجتمعان.


(١) خرق بمقدار كلمة في (ج).
(٢) هو الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، الحارث بن أسد البغدادي، المحاسبي، صاحب التصانيف الزهدية، قال الخطيب: له كتب كثيرة في الزهد وأصول الديانة والرد على المعتزلة والرافضة، وقال الذهبي: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام فنُقم عليه، وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال المحاسبي من وجه وحذر منه، مات سنة ٢٤٣.
وانظر ترجمته في: "حلية الأولياء" ١٠/ ٧٣، ١٠٩، "تاريخ بغداد" ٨/ ٢١١، ٢١٦، "وفيات الأعيان" ٢/ ٥٧، ٥٨، "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ١١٠ - ١١٢.