حدثنا شُعبةُ قال: سمعت قَتَادة يحدث عن مُطرِّف بن الشِّخِّير قال: صحبت عمران بن الحُصَين من الكوفة إلى البَصْرة، فما أتى علينا يومٌ إلا أنشدَنا فيه شعرًا.
قال محمد: وإنَّ أمير المؤمنين الحَكَم المستنصر بالله -رضي الله عنه- لما اختصه الله به، ومنحه الفضيلة فيه؛ من العناية بضروب العلوم، والإحاطة بصنوف الفنون، أمرني بتأليف كتاب يشتمل على ذكر من سلف مَن النحويين واللغويين في صدر الإسلام، ثم مَن تلاهم مِن بعدُ إلى هَلُمَّ جَرًّا، إلى زماننا هذا، وأن أُطبِّقهم على أزمانهم وبلادهم؛ بحسب مذاهبهم في العلم ومراتبهم، وأذكر مع ذلك موالدهم وأسنانهم ومدد أعمارهم وتاريخ وفاتهم على قدر الإمكان في ذلك، وبحسب الإدراك له، وأجلُب جملة من نتف أخبارهم، وتاريخ وفاتهم، والحكايات المتضمنة لفضائلهم، المشتملة على محاسنهم؛ ليكون ذلك شكرًا لجميل سعيهم، وحميد مقامهم؛ إذ كان ذلك من حقِّهم على مَن أَدَّوْا إليه علمَهم، وأعملوا في صلاحه جُهْدهم. وكان في تقييد أخبارهم، وتخليد مآثرهم، ما يُبقِي لهم لسانَ الصدق الذي هو بدل البقاء والخُلْد؛ وقد قال -عز وجل- حكاية عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم:{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}.
ثم قال الأول:
فَأَثنُوا علينا لا أبا لأَبيكمُ ... بإحساننا إنَّ الثَّناءَ هو الخلدُ