رابعًا: أنه على القول بأن المراد بالأنفال: الغنائم، فإنه لا تعارض بين الآيتين، ووجه ذلك أن اللام في قوله تعالى: {وَالرَّسُولِ} إما أن تكون للتمليك، أو للاختصاص وبيان حق التصرف والقسمة والحكم، فإن كانت للتميك فالآية الثانية: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} مخصصة لعموم الأولى، وليست ناسخة لها؛ لأنها لم ترفع جميع حكمها وإنما أبقت بعض الغنيمة لله والرسول. أما إن كانت اللام للاختصاص وبيان حق التصرف والحكم والقسمة فإن الثانية مبينة لإجمال الأولى، فالأولى حكمت بأن حق التصرف والقسمة مختص بالله ورسوله، والثانية بينت حكم الله وقسمته للغنيمة. وبهذا يتبين عدم صحة دعوى النسخ بأي وجه من الوجوه. والله أعلم. (١) هو: معن بن أوس بن نصر المزني، شاعر فحل، أدرك الجاهلية والإسلام، توفي سنة ٦٤هـ. انظر: "الإصابة" ٣/ ٤٩٩، و"خزانة الأدب" ٧/ ٢٦٠، و"الأعلام" ٧/ ٢٧٣. (٢) البيت في "ديوانه" ص ٢٨، وهو مطلع لاميته المشهورة باسم لامية العجم، والتي يستعطف بها صديقه، وكان معن طلق أخته وتزوج بأخرى، فآلى أخوها أن لا يكلمه. والشاعر يريد في البيت: أنه يؤثر أن يكون هو السابق في الوفاة، وهو وجل أن يبقى بعد وفاة صاحبه فيتألم لفراقه، ويذوق مرارة ذلك. انظر: "شرح ديوان الحماسة" للتبريزي ٣/ ٤١٣٢ و"خزانة الآدب" ٨/ ٢٩١.