وقد ثبت في "صحيح البخاري" ٦/ ٢٤٦ كتاب الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلًا فله سلبه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل -يوم بدر- القاتل سلب قتيله. فإن قيل: قد ثبت عن ابن عباس أنه فسر الأنفال بالغنائم، كما في "صحيح البخاري" ٨/ ٣٠٦ كتاب: التفسير، باب: قوله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ...}. فالجواب: أن تفسيره هذا معارض بما ثبت عنه أيضًا أنه فسرها بالتنفيل فقد روى الإمام مالك عن القاسم بن محمد أنه قال: سمعت رجلاً يسأل عبد الله بن عباس عن الأنفال: فقال ابن عباس: الفرس من النفل، والسلب من النفل، قال: ثم عاد الرجل لمسألته، فقال ابن عباس ذلك أيضاً. انظر: "الموطأ" كتاب الجهاد، ما جاء في السلب في النفل ص ٣٠١. وقد روى الأثر نفسه الإِمام عبد الرزاق الصنعاني في "تفسيره" ١/ ٢/٢٤٩ عن معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد، ورجال سنده كلهم أئمة. وبما سبق يتبين لنا القول الراجح في المراد بالأنفال، وأنها الزيادة فيما يعطى المقاتل على نصيبه من الغنيمة، وعلى ضوء ذلك تكون الآيتان المدعى فيهما ناسخ ومنسوخ تبينان موضوعين مختلفين فكيف يكون بينهما تعارض؟ ثالثا: القول بأن غنيمة بدر كانت خالصة لرسول الله، وقد قسمها بين المسلمين ولم يخمسها؛ لأن آية الخمس متأخرة في النزول عن آية الأنفال. انظر: "كتاب الأموال" لأبي عبيد ص ٤٢٦، قول فيه نظر من وجهين: أ- أن تخميس غيمة بدر ثابت في حديث علي - رضي الله عنه - حيث قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفًا من الخمس. رواه البخاري (٣٠٩١) كتاب الخمس، باب فرض الخمس ٤/ ١٧٦. والشارف: المسنة من النوق. وروى الدارقطني في "سننه" كتاب السير ٤/ ١١٠ (٢٦) عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - =