وإذا كانت سائمة الرَّجل متفرقة فوق مسافة قصر: فلكلٍ محلُّ حكمه (١٧)، ولا أثر
للتخلُّص من كثرة الزكاة، ولا يفرق شخص ما عنده لأجل التخلص منها فمثلًا: لو ملك ثلاثة: مائة وعشرين شاة، كل واحد يملك أربعين شاة، فتجب على كل واحد منهم شاة، فيُعطى الفقراء ثلاث شياه، ولكن لو جمع هؤلاء الثلاثة ما عندهم جميعًا فترة من الزمن: لكانت مائة وعشرين شاة: وأخرجوا شاة واحدة عليها؛ بناء على أن كل في مائة شاة واحدة، فإن هذا محرَّم، وكذلك: لو كان عند واحد أربعون شاة ففرقها بينه وبين آخر؛ للتخلص من زكاتها: فهذا محرم؛ للسنة القولية؛ حث قال ﷺ:"لا يُجمع بين مُتفرِّق، ولا يُفرَّق بين مجتمع؛ خشية الصدقة"، حيث إن النهي هنا مطلق فيقتضي التحريم، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه منع الحيل لسلب حقوق الفقراء بغير حق.
(١٧) مسألة: إذا ملك مسلم أربعين شاة، وهي متفرِّقة في بلدان عديدة يبعد كل بلد عن الآخر مسافة قصر (وهي ٨٢ كم) أو أقل أو أكثر: بأن كان يملك عشرين منها في مكة، وعشر في المدينة، وعشر في الرياض مثلًا: فإنه يضم بعضها إلى بعض، ويُخرج زكاتها، وهي: شاة واحدة، وكذا يُقال في الإبل والبقر؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من عموم أدلة وجوب الزكاة: أنها تُخرج من الأموال المجتمعة والمتفرِّقة إذا توفرت شروطها، الثانية: القياس، بيانه: كما أن تفرقة المال بين البلدان في غير البهائم لا يُؤثِّر، ويُضم بعضه إلى بعض، ويُخرج زكاة الجميع، فكذلك في البهائم، والجامع: أن كلًا منها يُعتبر مالًا قد تعلَّقت زكاته بذمته، وللنظر إلى جانب الفقير، وهو المقصد من هذا الحكم، فإن قلتَ: إذا تفرَّقت تلك الأغنام في بلدان يبعد كل واحد عن =