أن يُختار لتغسيله ثقة عارف بأحكامه (٢٥)(وأولى الناس بغسله وصيه) العدل؛ لأن أبا بكر ﵁ أوصى أن تغسَّله امرأته أسماء، وأوصى أنس ﵁ أن يُغسله محمد بن سيرين (ثم أبوه)؛ لاختصاصه بالحنو والشفقة (ثم جده) وإن علا؛ لمشاركته الأب في المعنى (ثم الأقرب فالأقرب من عصباته) فيُقدَّم الابن، ثم ابنه، وإن نزل، ثم الأخ لأبوين، ثم الأخ لأب على ترتيب الميراث (ثم ذووا أرحامه) كالميراث، ثم
(٢٥) مسألة: يجب أن يكون المغسِّل للميت عدلًا، عارفًا لأحكام التغسيل؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه ﷺ قد أمر بأن يُغسل من وقصته ناقته بماء وسدر، وتجنيبه الطيب وكان قد قال للنساء اللواتي غسَّلن ابنته بأن تلف بكذا وكذا - مما سيأتي - وهذا يلزم منه: أن لا يتولى التغسيل إلا العدل العارف بالأحكام؛ الثانية: قول الصحابي؛ حيث أوصى أبو بكر ﵁ امرأته أسماء بأن تُغسِّله إذا مات، وأوصى أنسٌ محمد بن سيرين بأن يُغسِّله إذا مات، وهذا يلزم منه اشتراط هذين الشرطين؛ لأنه معلوم عادة: أن لا يوصي شخص بأن يغسِّله أو يفعل له أيُّ فعل سِرِّي إلا إذا كان متصفًا بالعدالة، والمعرفة بأحكام ما سيفعله، وهذا فيه مصلحة للمغسَّل، وهو المقصد منه فإن قلتَ: إنه يُستحب أن يكون المغسل عدلًا، وعارفًا لأحكام التغسيل، للمصلحة: حيث إنه قد لا يوجد من يتوفر فيه هذان الشرطان، قلتُ: هذا فيه نظر؛ حيث إن غير العدل سينشر ما يراه على الميت من مكاره، وغير العارف لأحكام الغسل: سيُغسِّله على غير الطريقة الشرعية، فلا يكونان قائمين بفرض الكفاية، ولذا: قلنا: إنه يجب فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة السنة القولية وقول الصحابي" حيث إنا قد فهمنا من لازمهما: اشتراط هذين الشرطين، والواجب يسقط بالعجز، وعندهم: لا يلزم من السنة وقول الصحابي هذان الشرطان.