للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله" رواه مسلم عن أبي سعيد (مرة، ولم يزد على ثلاث)؛ لئلا يُضجره (إلا أن يتكلم بعده فيُعيد تلقينه)؛ ليكون آخر كلامه: لا إله إلا الله، ويكون (برفق) أي: بلطف ومداراة؛ لأنه مطلوب في كل موضع فهنا أولى (١٠)

= سيداريه ويتلطف به؛ لأن للموت سكرات وحركات غربية، فالأتقى الرفيق هو الذي يصبر على هذا المحتضر.

(١٠) مسألة: يُستحب للأرفق والأتقى من أهل مَنْ حضرته الوفاة: أن يُلقّنه الشهادة - وهي كلمة: "لا إله إلا الله" - مرة، أو مرتين أو ثلاثًا، ولا يزيد عن ذلك؛ إلا إذا تكلَّم المحتضر بعد ذلك فيُستحب أن يعيد تلقينه بالشهادة؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله" والمراد: لقنوا من حضرته الوفاة الشهادة؛ حيث بينت ذلك السنة القولية وهي: قوله : "من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة"، فإن قلتَ: لمَ استحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن من كان آخر كلامه الشهادة دخل الجنة - كما ورد في النص - ولكن هذا بشرط: أن يكون قد قام بما تضمنته هذه الكلمة من امتثال لجميع الأوامر، وترك الجميع النواهي، فإن قلتَ: لمَ لا يُزاد عن ثلاث مرات في تلقينه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المحتضر فيه من الشدِّة ما يُخشى منه أن يتضجِّر إذا زيد على ذلك، وهذا يُغضبه: فقد يأبى ولا يقولها، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط أن يكون الملقّن رفيقًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه منع لأذاه إذا قيلت له بعنف، ولأن اللطف مطلوب في كل وقت، والمحتضر يحتاج إلى اللطف أكثر من غيره بسبب ما يُلاقيه من شدَّة خروج الروح، فإن قلتَ: لمَ لا يُلقَّن بكلمة: "محمد رسول الله"؟ قلتُ: لكونه لم يرد عنه ، ولأن كلمة "لا إله إلا الله" متضمنة الاعتراف بأن محمدًا رسول الله، فإن قلتَ: لمَ قال : "لقنوا موتاكم" مع أن الميت لا يُمكن أن يُلقَّن؟ قلتُ: هذا مجاز؛ حيث سماه ميتًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>