للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منهما فإن قلتَ: لمَ قُدِّمت الخطبة على صلاة الجمعة، بخلاف صلاة العيد؛ فإن خطبتها تقع بعد الصلاة؛ قلتُ: بسبب أن صلاة الجمعة فرض عين، ويكثر وقوعها فيحتاج المسلمون إلى بيان أحكام ما وقع خلال الأسبوع، أكثر من حاجتهم لخطبة صلاة العيد، فإن قلتَ: إن صلاة العيدين فرض كفاية -إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ حيث أمر بصلاة عيد الأضحى، ثم نحر الهدي أو الأضحية، وهذا واجب؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، وعيد الفطر مثله؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، الثانية: السنة الفعلية، حيث كان يُداوم عليها الثالثة: فعل الصحابة؛ حيث داوموا عليها، قلتُ: أما الآية: فالمراد بها الصلوات المفروضة -كما نقله القرطبي في تفسيره (٢٠/ ٢١٨) عن ابن عباس ، وقيل: غير ذلك، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، أما السنة الفعلية وقول الصحابي: فإن المداومة على الشيء لا يدل على وجوبه دائمًا: يؤيده: أنه كان يداوم على الوتر، وهو لم يكن واجبًا، فإن قلتَ: إن صلاة العيدين فرض عين، وهو قول أكثر الحنفية وتبعهم ابن تيمية وابن القيم ومال إليه ابن عثيمين؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه "قد أمر النساء حتى الحُيَّض، وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى في العيد"، والأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، وإذا وجبت على النساء فمن باب أولى أن تجب على الرجال من باب مفهوم الموافقة الأولى، الثانية: القياس، بيانه: كما أن صلاة الجمعة فرض عين على الرجال فكذلك صلاة العيد مثلها، والجامع: أن كلًا منهما من أعلام الدِّين الظاهرة قلتُ: أما السنة القولية: فلا يُحتج بها هنا؛ لمعارضتها لقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ والأمر بالقرار في البيوت هنا للوجوب وهو عام في العيد وغيره، وهذا لمصلحة وهي: دفع مفسدة الاختلاط الذي يُسبِّب الفتنة عادة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>